تمر مرحلة أخرى من مرحلة الحراك الشعبي في الجزائر، ويثبت الوعي مرة أخرى سيادته رغم كل ما كتب وقيل من تخوفات وتوقعات بالانزلاق والانحراف.. بهذا يؤكد الشعب للمغردين خارج سربه أن مطالبه الواضحة ليست عرضة للمساومة ولا المقايضة..

كل محاولات الاستدراج باءت بالفشل لحد الآن، وكل المناورات والإغراءات السياسية لم تحقق مرادها لحد اللحظة، بل زادت من مناعة الشعب وإصراره على المطالب بتزايد الاستجابة للمسيرات السلمية من جمعة لأخرى.. وحمل الشعارات المبدعة برسائلها المباشرة وهي أكبر من مجرد شعارات لمن يدركها ويفهمها..

هكذا المبادرات تبدأ بالمغامرين ثم يلتحق بها المتحفظون، يشكك فيها المشككون، يرميها من يرميها بما يعيبها بما رأته عينه أو بلغ مسامعه من تجاوزات بسيطة قد تحدث لنقص الخبرة ومن الغريب ألا تحدث.. الحكيم من توقّف والتزم الصمت أمام ما يفوق إدراكه حتى تتبين له الصورة واضحة كي يحفظ ماء وجهه ولا يفصح عن حوَله وقلة بصيرته..

أي حراك وأي اتخاذ لمسلك جديد غير مألوف ستعتريه أخطاء البدايات، وتتنافس وتتدافع فيه الآراء والاجتهادات، لا أحد يمتلك كل الحقيقة، ولا يوجد من يرى في القضية أبعد من أسبوع على أقصى تقدير، لا يحق لأحد أن يزايد في الحكمة أو يبالغ في الحنكة، الكل له معطيات يثق فيها ويحلل بها ويفسر ما حوله بأسلوبه ونظرته..

اليوم مرت المسيرة الرابعة الكبرى بسلام والحمد لله.. فضلا عن الكثير منها مما مر في أيام الأسبوع لمختلف فئات الوطن ومكوّناته، الضغط يتضاعف على النظام لينزل من عرشه المهتز وينصت لصوت العقل المدوي حوله، ولا أدل على ذلك التلعثم والتردد التي بدى على ممثليه في لقائهم الباهت أمام الصحافة..

نأمل أن يكون القادم أجمل للوطن، ونرجو أن يخرس المزعجون، ويختفي المعرقلون، فصعوبة المهمة وثقل المرحلة لا يتحملان المزيد من الجبهات..