تنتشر تجارب إدارة الأوقاف في الكثير من دول العالم منذ القدم، وحديثا بعدما أصبحت علما ومجالا واعدا لتنمية المجتمعات وتحسين أدائها في مختلف جوانبها وحاجاتها اليومية، وكم من مؤتمرات تقام وبحوث تنجز وكتب تؤلف في هذا السياق بغزارة تعكس أهمية الموضوع.

مكتبات وجامعات ومستشفيات ومؤسسات استثمارية وخيرية عريقة قائمة بذاتها كأوقاف تؤدي أدوارا وخدمات جليلة تجاوزت أسوار مدنها وقراها لغيرها من البلدان والقارات، تؤثر وتنشر رسالتها وفكرها بقوة المعنى والمبنى.

الإبداع والتجديد في الأوقاف عبر العصور كانت له آثار إيجابية واضحة في كل بيئة تؤمن بفكرة استثمار وتنمية الأصول الوقفية، بينما صار عبئا ثقيلا وثروة مهدورة عند من جمّد ذهنه وبقي رهين مرحلة زمنية قديمة متمسكا بعادات ووجهات نظر معتقدا أنه يتعبّد بها.

الأوقاف أمانة ومسؤولية، ينفق فيها من ينفق وفاء واحتسابا وردا للجميل، بينما يديرها بكفاءة من استأنس من نفسه القدرة على ذلك، ولا يعقل أن تتكدس كعقارات جامدة، وثروات مالية متآكلة دون فعالية ولا أثر، بِيد مهملة لا تقدّر قيمة ما تديره وتشرف عليه.

لو جئنا لاستعراض الكثير من الإشكالات الاجتماعية نجد علاجها في حسن استثمار الأوقاف، ولو حاولنا التأمل في الآليات المألوفة وقمنا بمقارنة نتائجها مع الجهد المبذول فيها، سنكتشف حاجتنا الأكيدة للتعديل والتطوير مما يضاعف النتائج ويوسع الأثر.