fbpx

تحية وعرفان لكبارنا في يومهم العالمي

بينما كنت اليوم على مائدة الفطور صباحا، لمحت خبرا في إحدى القنوات عن اليوم العالمي للمسنين “1 أكتوبر” كمناسبة معتمدة من الأمم المتحدة كل عام منذ 1990م، تذكرت حينها جدتي رحمها الله، وعادت بي الذكريات إلى صفحات جميلة من حياتها، وهي الغالية التي فجعنا بخبر وفاتها قبل عامين، وفقدنا في تلك المرحلة الصعبة الشديدة أحبابا غادرونا للأبد جراء فيروس كورونا، تاركين خلفهم ذكرا حسنا طيبا.

يعيش الإنسان حياته منذ ولادته إلى مرحلة الصبا والطفولة، الفتوة والشباب، الكهولة والشيخوخة، إن بارك الله عمره، وفي كل مرحلة يجتازها يتعلم منها ويتخرج فيها بما يؤهله لعيش المرحلة الموالية بظروف أفضل، ومن زرع حصد، ومن أحسن وجد الإحسان مضاعفا، ومن كانت قراراته وخياراته موفقة ارتاح أكثر وجنى من حوله الرعاية والاهتمام، ووجد من يبذل حياته لأجله.

كبارنا بركة المجتمع، ونكهته، ونسمته التي تضفي لحياتنا جمالية خاصة، هم ملاذنا حينما نتعب ونضعف ونفقد البوصلة، وهم قادتنا عندما تشتد الظروف من حولنا، هم حفظة ذاكرتنا، وحارسو قيمنا، بخبرتهم تصبح المصاعب مجرد تجارب بسيطة، والعقبات سوى محطات تستدعي التصرف بحكمة وأناة.

يعيش كبار السن في المجتمعات الإنسانية التراحمية معززين مكرمين، يتنافس أبناؤهم وأهلهم عليهم لخدمتهم والتضحية لأجلهم، بينما يعانون كثيرا في البيئات التعاقدية التي يعلو فيها صوت الحقوق والإجراءات والمحاسبة المعقدة على سنوات الخدمة، ليجدوا أنفسهم تحت رحمة صناديق التقاعد التي ترمي لهم الفتات تارة، وتخذلهم أحيانا أخرى في الكثير من بقاع العالم، فضلا عن معاناتهم بالأمراض المزمنة المتراكمة عليهم بفعل السنين، وعزلتهم الاجتماعية وحاجتهم لمن يبتسم لهم أو يقضي معهم أوقاتهم، ولو استلزم الأمر شراءهم ودفع الأموال الطائلة عليهم، وهو ما لا يتوفر للكثير منهم.

بهذا تأسست الجمعيات والمنظمات لتقدم خدماتها للمسنين، بين أهداف تجارية وشيء من الإنسانية، مهمتها التحسيس ورفع الوعي للالتفات إليهم ورعاية احتياجاتهم الصحية والنفسية، ونشر ثقافة الإحسان إليهم، ونرى في هذا نماذج مبدعة وجميلة في مختلف أنحاء العالم، مثل وكالات السياحة والرعاية التي تقدم خدمات وباقات مصممة خصيصا لكبار السن بتنظيم رحلات نزهة داخلية أو خارجية، ومؤسسات أخرى تخصص خدماتها الصحية لهم بما يستجيب لحاجاتهم.

نشأنا وتربينا على احترام الكبير، نبادره بالتحية، ونفسح له المجال في مقدمة المجالس، نتيح له الأولوية في الشارع وعند المرور، نقدمه علينا في الطوابير، ونسارع لقضاء أمورهم بما يقلل معاناتهم، ويجنبهم الحرج والعنت، وفي ديننا من الفقة ما ييسر لهم الحياة، ويخفف عنهم في الواجبات، ويرفع عنهم الحرج في الكثير من الالتزامات، وفي ذلك أجر كبير وثواب جزيل ولله الحمد.

أسأل الله أن يحفظ كبارنا، ويبارك في أعمارهم، ويرحم المتوفين منهم.. ويبلغنا بركة خدمتهم وبرّهم وبذل حياتنا لأجلهم.. أمي.. أبي.. خالتي.. خالي.. عمتي.. عمي.. معلمي.. معلمتي.. وكل الأحبة ممن حظينا برفقتهم..

على الجانب: اليوم كذلك ذكرى نكبة فيضان مزاب 1 أكتوبر 2008م، وقد كانت المناسبة حينها عيد الفطر المبارك، عشنا فيها أجواء خاصة من الحزن والتضامن والعودة للبساطة على ضوء الشموع، وغياب الكثير من مظاهر التمدن والرفاهية.

كما يصادف اليوم “1 أكتوبر” كذلك اليوم العالمي للقهوة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى