fbpx

قراءة في كتاب: أغنى رجل في بابل

رغم مضي وقت طويل منذ آخر قراءة لهذا الكتاب الصغير حجما الغزير معنى، إلا أني لازلت أتمثل الوصايا والحكم التي وردت فيه إلى اليوم، في كل التحديات التي أجتازها، والمشاريع التي أقدم عليها، والمواقف التي أمر عليها، وهو يعتبر عندي من الكتب المرجعية التي رسمت لدي المعالم الكبرى وأهم المبادئ الأساسية التي تشكلت منها الفروع الأخرى في مجال الأعمال والاستثمار.

نتحدث عن كتاب أو رواية “أغنى رجل في بابل” تناول فيها المؤلف جورج سامويل كلاسون قواعد وحكم في طريقة اكتساب الثروة وتسييرها وحسن التصرف فيها، من خلال حقبة زمنية شهيرة في المخيال الإنساني هي حضارة بابل القديمة كأكثر المدن ثراء ورفاهية ورخاء في عصرها، باستعمال الفطرة البسيطة والقواعد الواقعية بعيدا عن التعقيد أو التعلق بالوهم والحظ وانتظار السماء التي تمطر ذهبا، بل بالجد والمثابرة باستمرار دون كلل ولا ملل.

أسلوبه القصصي الجميل وفضلا عما حمله من مواقف مباشرة وتوجيهات قد نراها بديهية في بعضها وغريبة أو غير منطقية في أحيان أخرى، إلا أنه يخفي وراء ذلك تفاصيل أهم وأشمل من المال والسعي نحو الثراء المادي، بأسلوب الحكمة والحوارات التي تجسدت فيه كأجمل طريقة لتمرير المفاهيم وتوصيل الأفكار بدلا من التلقين وصياغة القواعد الجاهزة.

تناول الكتاب قصص الثراء انطلاقا من الصفر، وأمثلة عن السقوط والعودة إلى ما دون الصفر بعد القمة، وقدم توجيهات عن الاقتراض والديون والتعامل مع الفرص التي تعرض في الاستثمار مميزا بين ماهو حقيقي وما هو مجرد وهم زائف، وروى في بعض حواراته عن التعامل مع الثروة في الشباب وفي الكبر، وعن الادخار ومهارة الخروج من الأزمات.

أمثال هذه الكتب هي عصارة تجارب تستهلك من أصحابها عمرا طويلا، وتكلفة مادية ثقيلة، يهدونها على طبق من ذهب للقارئ الفطن الذكي، وهنا تكون استفادته واستيعابه على قدر اهتمامه، وعلى مدى تطابق الحالة الذهنية التي يعيشها ذلك الوقت، وبعض الفائدة يأتي آجلا، يتجسد واقعا أمام المشكلات أو بعد اجتياز التحديات بشكل مباشر.

قد نجد في الجلوس للكبار، والإنصات إليهم، والاستماع إلى تجاربهم الصعبة طيلة السنين ما يعادل محتوى الكتاب أو أكثر، ومن أهدى لك تجربته فقد منح لك قطعة من جسده، وجزءا من ذاكرته، وشطرا من مسيرة حياته، يبقى الذكاء منك في استيعاب تلك الهبة والهدية الغالية.

مقالات ذات صلة

‫11 تعليقات

  1. شكرا لك وتحية لقناة الجزيرة، أود أن ألفت نظرك إلى شيء مهم وليس مجرد نقد عادي، لاحظ جيدا أن قناة الجزيرة انتقائية في الهجوم على الأنظمة العربيةـ فهي تخصص نسبة كبيرة من هجومها على أنظمة أقل ظلما مما تخصصه للهجوم على النظمة الأشد ظلما وديكتاتورية، خذ مثلا الهجوم الشديد على النظام السعودي، مقابل هجوم مايع على النظام البعثي السوري أو الليبي أو السوداني، ستجد أن وراء قناة الجزيرة أجندة يتم تمريرها عبر طرح الرأي والرأي الآخر مع التركيز أكثر على الراي الذي يريدون، ويبقى الراي الآخر لمجرد ذر الرماد في العيون.

    وتحياتي لك.

    أرجو نشر التعليق وعدم حذفه.

    1. مرحبا أخي الكريم زكي، لي وجهة نظر خاصة حول ما قلت وهو أن تناول الجزيرة للقضايا مبني على مصادر معلوماتها حيث يساعدها في ذلك انفتاحها في التوظيف لكل الجنسيات فللحديث عن الجزائر مثلا تجد فريقا كبيرا من الجزائريين يشاركون في صناعة أخبارها، وكذلك للدول الأخرى نفس الشيء، كما للجزيرة كل الحق في تنبي أفكارها الخاصة التي ترى فيها منفعتها، ومن يعارضها في ذلك فعليه بإنشاء جزيرته الخاصة وطرح أفكاره التي يراها هي الأصوب.
      مع ذلك كما ذكرت آخر المقال تحفظي على بعض ممارسات الجزيرة وهذا لا يؤثر أبدا في إعجابي بها عامة، والله أعلم.

  2. أعجبني المقطع : الجزيرة كانت دعما لثورة تونس، وصوتا للمظلومين في غزة، وسندا للداعمين في قوافل الحرية، ولا زالت وراء كل قضية عادلة مهما كان حجمها، فليخش منها كل ظالم طاغية يريد أن يجابهها،

  3. شكرا أخي جابر على هذا المقال الرائع , فعلا الجزيرة أصبحت بلدا له تأثير في الساحة الاجتماعية و السياسية , أحيي الجزيرة لأنها فتحت الذهن العربي على معنى الحرفية و المصداقية في نقل الخبر , أحيي الجزيرة على انتمائها و مبادئها التي استطاعت أن تصل بهم الى العالمية , أحيي الجزيرة لأنها فتحت حضنها لكي تدعم الاعلام الجديد …
    شكرا للجزيرة و شكرا لك أخي جابر

  4. لمن يعتقد ان الجزيرة متحيزة فهذا طبيعي جدا، أنا شخصيا لم ألحظ هجومها على السعودية او غيرها، لكن ارى انها، ككل وسيلة اعلامية اخرى، لها توجهاتها الاخلاقية، والتي اعتقد انه لا تخدم احدا غير المواطن العربي.

    اثارت الـ New Yourk Times مع بداية الثورة المصرية هجوما عنيفا على الجزيرة أولا في موضوع اكثر ما يقال عنه أنه يظهر غيرة غير مسبوقة من عملاق للاعلام كـ New Yourk Times حيث ورد فيه : “القناة الفضائية ومقرها قطر التي ساعدت على التغطية العدوانية و دفع عواطف المتمردين من عاصمة إلى أخرى.” ,,
    http://www.nytimes.com/2011/01/28/world/middleeast/28jazeera.html?ref=aljazeera
    لكن اذا لاحظتم التعليقات، ستجدون ان اغلبية مشاهدي الجزيرة يجدون فيها مصدرا استثنائيا للمعلومات وطريقة سرد الاخبار يصفها احدهم بانها “تضع اعلامهم الى العار”

    ثم بعدها تلى موضوع او اثنين في انتقاد عمل الجزيرة الفردي وكان حول صاحب موقع ويكيليكس اين هوجمت صحيفة The Guardian البريطانية ايضا، لكن هذا كان متوقع كون توقيته كان متزامنا تماما مع فضائح اوراق فلسطين التي شاركتها الجزيرة مع The Guardian فقط.

    * ما يجب ملاحظته هنا هو ان القناة العربية للجزيرة مختلفة جدا على القناة الانجليزية، كون الاولى تتناول المواضيع من وجهة نظر عربية بحتة، وبالرغم من انحيازها لغزة مثلا الا ان لها مراسلون في اسرائيل و تستقبل مداخلات مسؤوليهم في نشراتها.

    اما القناة الانجليزية فهي ممتازة بتفوق لانها موجهة مباشرة الى العالم الغربي، ومجمل صحفيوها هم من الغرب ممن عملوا مسبقا في وسائل اعلام بريطانية وامريكية عميقة، فالقول بتحيزها هنا هو فقط لغو ليس له اساس من الصحة كون العاملين فيها هم من اصناف ايديولوجية مختلفة.

    * ثم ان كان شخص ما ليتهم انحياز الجزيرة، يجب ان ياتي بالبديل الغير منحاز الذي يقارن من خلاله الجزيرة؟ عربيا لا ارى من منافس على الاطلاق، فان كان كره البعض لها لانها “تعري” ما يحدث في اوطانهم و يغيضهم هذا فالاجدر ان يعاودوا النظر في صحة عقولهم.

    اما ان كانت المقارنة بمحطات عالمية، فانا ادعوهم ان يلقوا نظرة على الانحياز المقزز لـ Fox News او CNN و الـ BBC وغيرها ليرى الاحترافية التي تعمل بها الجزيرة مع التركيز طبعا على منطقة الشرق الاوسط و افريقيا.

    * اخيرا، لا يجب ان ننسى الموقع الالكتروني اللجزيرة خاصة الانجليزي أين يكتب يوميا العديد من الخبراء العالميين مقالات اقل ما يقال عنها انها احترافية بامتياز.

    الـ New Yourk Times كتبت مؤخرا ان البيت الابيض يتابع الجزيرة بشغف لمعرفة الاخبار اولا باول من مصر، وانها تشاهد من اكثر من 1,6 مليون مشاهد يوميا في الولايات المتحدة (2500% زيادة في المشاهدات) كونها غير متوفرة على شبكات التلفزة في امريكا لحد الان (وتتكلمون على الانحياز؟)

    وفي سابقة تاريخية من نوعها، تنشر الجزيرة الان معظم اعمالها الصحفية من تقارير و فيديوهات وصور على ترخيص Creative Communs الذي يتيح استعمال موادها من قبل اي كان مجانا.

    http://cc.aljazeera.net/

    لا يجب الحكم بالعواطف قبل رؤية الحقائق!

  5. تمتاز فعلا الجزيرة قناة الأخبار و أيضا الشبكة الواسعة كلها من قنوات مختلفة و كل فروعها بالحرفية الكبيرة و هذا أول سر نجاحها طبعا. و أيضا بنظرة استشرافية و فهم لواقع عالم الإعلام جعلها تغوص في جميع نواحيه من شاشات التلفزيون إلى شاشات الكمبيوتر. و إن لم تنفرد الجزيرة به فعمالقة الإعلام العالمي يمارسونه منذ مدة، إلا أنها كانت سباقة في العالم العربي. هذا بالتأكيد يحتاج إلى عقول مفكرة و مدبرة و أموال كثيرة (ممن و لمن؟) آمن أصحابها أنها ستعود عليهم بالربح الوفير. فهي الآن شركة مربحة و هذا النجاح المالي يضاف إلى نجاحها المهني و هذه هي نقاطها الإيجابية.
    أما السلبية منها فهي بالتأكيد غياب الأخبار القطرية. ألا تستحق قطر جزءا من أخبار الجزيرة؟ أم أن أخبار قطر لا تهم العالم؟ فأين الحرية حين لا ينتقد أحدا من الصحفيين حضور ليفني إلى منتدى الدوحة للديمقراطية و الاقتصاد و التبادل الحر و جلوسها إلى طاولة وزير خارجية قطر؟ لماذا و في عز الهجمة الشرسة على غزة تعطي الجزيرة منبرا للقتلة الصهاينة؟ و لماذا تصر على تسمية إيهود باراك “وزير دفاع”؟ لا تلزمنا المهنية على كل هذا. أنا شخصيا لم أعد أحتمل أصوات الصهاينة على الجزيرة. لدينا الآن ما يكفي من معلومات عن العدو الصهيوني و هم إذا لاحظتم يعيدون دائما نفس الكلام، نفس الأفكار و يكررونها حتى نصدقها. و فعلا صدقها البعض الذين أصبحوا ينادون بالسلام و حل الدولتين إلخ…
    الجزيرة و من هذه الناحية تشارك و بفعالية في غرس “مبدأ التسامح”…
    أما و فيما يخص الأخبار العربية فهي و في أحيان كثيرة تشارك في زرع الفتنة. فلا زلنا نذكر في الجزائر ذلك السؤال السخيف لسبر رأي من؟ بعد هجوم 11 ديسمبر 2007 على قصر الحكومة…
    فأجندتها مع أو ضد الدول العربية الأخرى فهو كما قلت أخي جابر لأنها دولة إعلامية بالفعل. لكن من يحكمها؟ من يسيرها؟ و لفائدة من “تصنع” كل هذه الأخبار؟
    و السلام عليكم و رحمة الله

  6. السلام عليك أخي جابر شكرا على هذا المدح للجزيرة
    نحن معها في مجال التقني والفني والإبداعي الجميل والإحترافي وأما بالنسبة للإعلام فأعطيك ما إستفدت منه :
    إستفدة من أخبار الجزيرة وإعلامها عبر عدة سنوات في مايلي :
    _ الإسلام هو الإرهاب والخراب والقتل
    _ أمريكا هو صانع القرار في العالم خاصة الإسلمي والعربي وهي بقراراتها وأفعالها تقول مثل فرعون موسى أنا ربكم الأعلى,
    _ المسلمون والعرب لا يستطعون أن يحكموا بعضهم البعض إلا إذا تدخلت أميريكا فحكمتهم بدستورها
    _ المسلمون والعرب ضعفاء ومساكين ومذلولين أمام العالم
    وفي الأخير فالتحذر دولة قطر من قوله تعالى :
    ياأيها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء بعضهم أولياء بعض ومن يتولهم منكم فإنه منهم إن الله لا يهدي القوم الظالمين
    فنقول لأمريكا قوله الله تعالى : انهم يكيدون كيدا واكيد كيدا فمهل الكافرين امهلهم رويدا , صدق الله العظيم ,

    1. وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته أخي الكريم رشيد،
      الجميل في تعقيبك أنك عبّرت عن ما استفدت منه أنت شخصيا، ووفق ما توصلت إليه باجتهادك، لكن هل فعلا ذلك الاجتهاد ملزم لكل الناس؟ ومتوفر عند كل من يتابع الجزيرة؟ فأنت لك رأيك وأنا لي رأي آخر وذلك له وجهة نظره وهكذا…
      أرجو منك إرفاق أدلة على ما كتبت بشأن القناة التي تخطئ كما تصيب، ومن لا يعمل لا يخطئ مثلنا نحن للأسف الشديد.
      أما عن الآية فهي تنطبق على الدول العربية ككل مع تفاوت نسبي بين واحدة وأخرى، فيما قطر الأبعد منها تقريبا بما تنجز يوما بعد يوم.

  7. أخي جابر هذا مجرد رأي شخصي فالعالم اليوم كله تحت مخدر الإعلام فلا ألوم أحدا في وجهت نظره فيما يخص الجزيرة وغيرها فنأخذ منها ماينفعنا فالنحذر الجمود الفكري الذي يغلق عقولنا فلا يفرق بين الحق والباطل وبين الصح والخاطئ فليس كل ما يلمع ذهباً فالزمان وخالق الزمان سيكشفه بخيره وشره في الأيام القادمة فلا نكن بين الإعلام الذي يجرنا حيث شاء ولا بين الحكام الذين يحرقون شعوبهم ولا مع أميركا اللتي تختفي تحت غطاء السلام وحقوق الإنسان ,

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى