عندما نعجب بالغرب وشيء من الشرق كبيئات خصبة تحفز الإبداع، ولا تدفن المواهب، فإننا لا نصف الوضع فقط، وإنما نقر بشكل أو بآخر أننا بحاجة إلى أن نخطو خطوات معتبرة لنلحق بركبهم، ونحظى بمكانتهم..

هذا الانتقال لا يأتي دون الوقوف بصدق على ما يعيب بيئتنا، ليس الوقوف فقط، إنما التحرك ولو ببطئ نحو واقع أفضل، وموقع أحسن، فما الذي يميزهم؟ وما الذي نفتقده؟

النقد البناء، ومواجهة الفكرة بالفكرة، وتقبل الاختلاف والاعتراف به، والسعي للاستيضاح، والقابلية للتوضيح، والاستعداد لاكتشاف الجديد، والتمرن على إمكانية الفشل وارتكاب الأخطاء.. بعض ذلك أو كله أو أكثر منه.. إن أبدينا شيئا من الرغبة في إعادة النظر فيه فربما يمكننا حينها أن نطمح ونطمع بتحسن الحال..

قد أتفهم بإشفاق غرور شاب يافع – في لحظة ما- بدأ بلمس بعض أحلامه.. وأتفهم باستغراب تبني شيخ هرم لقناعات خاطئة ناتجة عن غياب المعطيات عنده وعزلته وبعده عن الواقع.. وأتفهم بصدق انفعالات أنثى أو ذكر نتيجة معاناة نفسية واجتماعية حملتهما قهرا ليكرها كل شيء، ويعيبا كل شيء، ويهاجما كل شيء، ويشككا في كل شيء..

الإنجاز والفعالية والإبداع في بيئة تفتقد لمساحة أمان كافية تكفل حق صاحبها في ممارسة الفشل، وارتكاب الخطأ دون تجريمه شخصيا.. وتجريم أسرته.. مطلب صعب المنال حاليا..

إلا أن الحقيقة المرة والصادمة تخبرني كل مرة.. أن من يفعلون ذلك وينصبون أنفسهم حراسا للحقيقة والصواب.. هم أكثر الناس خطأ وجرما وانزلاقا.. بينما يفعلون ذلك درءا للشبهات من حولهم.. وتزكية لأنفسهم ليصنفوا ضمن الملائكة الأطهار.. أصحاب العصمة والكمال!

التدافع سنة كونية.. وحركية المجتمعات دليل حياة..