شخصيّة الإنسان محدّد رئيس لطبيعته ومؤشّر مهمّ لتعامله، فبها يجني مكاسب تعجّبه وترتقي به، ومنها يجني على نفسه ومن معه ويهوي بها دركات، ولعلّ أبرز ما يؤثّر في كلّ ذلك وضوحه في قوله وفعله، وانسجامه بين ما يضمر وما يعلن.
هناك من الناس من تجده علبة سوداء، وحجر يحمل من الألغاز كلّ ما أبهم، لا تملك مفتاحا لتفهّمه، ولا تجد أملا في تفسير حركاته وسكناته، متناقض مضطرب، فهو صعب المراس لا يستقرّ على رأي، ولا ينطلق على أساس معلوم، يطرد كلّ متقرّب إليه أو محاولٍ بسلوكه، ولو لم ينطق بحرف.
وهناك أيضا الشخصيّة الواضحة، وهذا الصنف كالوردة تجذب إليها كلّ مقترب أو مارّ في الجوار، إمّا برائحة عطرها أو بجمال لونها، رفقتها راحة ومغنم، فأمثال هؤلاء يصلحون للبناء والقيادة بدءا من نفوسهم فأسرهم فمجتمعاتهم… وهكذا، تجدهم واضحي القرارات والقناعات، لا يتعب معهم سائل في مسألة له، ولا يحتار مرافق في رفقة بهم، ما في قلوبهم في أفعالهم، لا يضمرون شرّا ولا خيرا، همّهم صفاء قلوبهم ونقاء سريرتهم.
من هنا فالناس معادن كما قال حبيبنا وقدوتنا محمّد:“الناس معادن كمعادن الذهب والفضّة” وقال: “إنّ أحبّكم إليّ أحاسنكم أخلاقا الموطّؤون أكنافا الذين يألفون ويؤلفون”، وأيّا كانت شخصيتنا فلنسع لتحسين نفوسنا وتهذيبها قبل تصرّفاتنا، لأنّ النفس إن صلحت سهل ما بعدها، وإن سقمت لا ينفع لسان ولا ابتسامة، وفي كلّ شخصيّة إنسان بذرة خير علينا اكتشافها وتنميتها والصبر في ذلك احتسابا وإخلاصا.كن واضحا مع من حولك تنل احترامهم وإكبارهم، فغموضك لن يزيدك هيبة ولا رفعة… إنّما نفورا وشفقة.
Be the first to write a comment.