ليس من عادتي الانفعال والرد المباشر عن أي نقد يمس قناعة من قناعاتي، أو مهمة أقوم بها، أو دور اجتماعي أو مهني أمارسه، إلا بعد أن أقرأ النصوص جيدا، وأحللها، وألتمس العذر لصاحبها متهما نفسي بعدم الفهم ربما، أتأمل الفكرة وأفكك الفقرة لعلي لم أدرك المعنى حتى لا أسقط في منزلق ردة الفعل العاطفية.

مر علي قبل يومين منشور لأحد الذكور في بعض المجموعات الفيسبوكية المحترمة وفي حسابه، وقد دلني على ما كتب أصدقاء هالهم ما حدث وطالبوني بالرد والنقاش والدفاع عن نفسي والمؤسسة Wise Foundation والفكرة، وما إن قرأت ما كتب وقرأت تعليقات انساقت وراء ما حمله المنشور حتى قررت عدم الانجرار وراء تحمس الموالين ولا المعارضين.

بدأت بالنص فوجدته يحمل صفة الغيرة على مجتمعنا وحب الخير له في ظاهره، لكن سرعان ما استذكرت قصة الدب وصاحبه الفلاح والذبابة التي حطت على أنفه فحمل بندقيته مصوبا إياها نحو الذبابة لقتلها كي لا تزعج الفلاح الذي يغط في نوم عميق تحت الشجرة.

ما أفسد المجتمع إلا اتهام النوايا وحمل الخطاب الحماسي لدغدغة عواطف الناس وتحسيسهم بالخطر مما يستجد عليهم، والأخطر من ذلك أن يحشر إنسان هو أبعد ما يكون عن مجال التخصص أنفه فيما لا يعنيه متهما ملفقا مهاجما ساخرا ما لم يفهمه وما لم يدركه والإنسان عدو ما جهل.

نعيش في عصر القنوات المفتوحة في التواصل، وأبسط قواعد الإنسانية والاحترافية تقتضي التبين والاستفسار سواء بشكل مباشر أو بالفيسبوك أو الواتساب أو الانستغرام أو البريد الالكتروني أو الموقع الالكتروني أو لينكد-إن أو الهاتف.. لكن البكاء والعويل في الفيسبوك أريح وأسهل وأجمل خاصة عندما يستهوي إليه قلوبا منكسرة وعقولا خاوية وتضامنا افتراضيا فارغا.

ما كان علي أن أواجه الموقف إلا بالعقل والمنهجية والحوار الهادئ رغم ما حدث من تعدي وإهانة واتهام خطير مسّ ضيوفا كراما قمنا باستضافتهم ولا شك لنا مطلقا في عفتهم ونزاهتهم وصدقهم وغيرتهم على المجتمع وهم من هم في نشاطهم وفعاليتهم وطنيا وعالميا، إلا أني باسمهم ألتمس العذر لأن فاقد الشيء لا يعطيه.

البنت والأم والأخت والأنثى في مجتمعي ووطني وفي العالم لها عندنا قدرها واحترامها فعلا وواقعا لا مجرد تغزل ومجاملة على الفيسبوك، لا ننتظر إذنا لنخدم رسالتنا التي نعتقد صوابها مسددين ومقاربين، لا نهتم بالنعيق والنهيق ممن يفتقد أبجديات الحوار والنقد فهؤلاء لا يخلو منهم زمان ولا مكان.

وإذ نحن في خطواتنا نلتمس نور علماء ومخلصين في المجتمع نتشاور معهم، ونتمثل نصحهم وتوجيههم، ولا زالوا ينصحوننا بالصبر والمصابرة على السهام والأقاويل والاتهامات التي تصل العرض والشرف، ونحن نكتوي ببعض نارها الآن..

نعود للعمل.. ونواصل اجتهادنا.. القافلة تسير.. والحمد لله رب العالمين..