المشاريع التجارية في الإنترنت تجارب محفوفة بالمغامرة والتحديات، إضافة إلى كونها مخاطرة جريئة حينما تكون عربية، في ظل المنافسة الشديدة من الكبار، ولعلي أصنف مشروع خمسات للخدمات المصغرة ضمن هذا الإطار، وأرى أنه من أنجح التجارب العربية لحد الآن، لعدة شواهد أحاول تناولها في هذه التدوينة.

ليس من السهل أن تكتب مراجعات عن مشاريع كبيرة بشكل موضوعي وأسلوب مبسط مختصر، فالتفاصيل مترامية الأطراف، وما يستحق الذكر كثير، وجدتني أحتار قليلا بادئ الأمر حول الكتابة عن خمسات، إلا أني استجمعت قواي ولململت بعض الجهد لأقدم لك عزيزي القارئ خلاصة تجربة مشروع بدأ صغيرا وهو الآن ضمن الصفوة عربيا على الأقل.

أولا وكتعريف على السريع، فالمشروع أساسا للأخ العزيز رؤوف شبايك،وعملا بمبدأ، قلد أحسن الموجود ثم أبدع، فقد استلهمها من مواقع أجنبية لها نفس التوجه، وبين ذلك في سلسلة مقالات بمدونته، وشرح وبسط ضوابط التقليد، ومكمن الفائدة منه، كما عرج على المحذور منه.

خمسات موقع يعمل دور الوسيط بين طرفين، أحدهما يعرض خدمة وآخر يطلبها، بحيث يكون سعر الخدمة 5 دولار، في كل معاملة يحصل البائع على 4 دولار، فيما يحصل الموقع على دولار واحد، أما عن نوعية الخدمات فهذا عائد للمستخدمين، فمن إعلانات مدفوعة -كما هو الحال مع مدونتي- إلى ترجمة لنصوص، أو تصاميم فنية، أو استشارات… إلخ، هذه ببساطة فكرة عامة عن وظيفة خمسات.

في يوم 13 سبتمبر 2010م كتب رؤوف شبايك في مدونته مقالة تمهيدية لخمسات، بين فيها أصل الفكرة، وكان حينها قد انطلق بنسخة تجريبية من المشروع، ولكن بعد مسيرة قصيرة، بدأت بعض المشاكل تحوم، وكأي فكرة فقد عرف المشروع لحظات حرجة، وأخرى اتسمت بالركود، بل وصلت التهديدات لحد لا يمكن تحمّله، مما عجل بإضفاء نفس جديد لخمسات كخيار ضروري وإلا وأد الفكرة ونسيانها تماما، ولعل أهم ما أنقذ خمسات -في رأيي- من الزوال أمران اثنان أساسيان هما:

  • أولا: عزيمة مؤسسه رؤوف شبايك وإيمانه بالفكرة وحرصه على البحث واكتشاف الأسباب والمسببات وتصحيح المسار من حين لآخر.
  • ثانيا: استشارته لزبائن الموقع ومستخدميه وحتى زوار مدونته، فقد التزم مبدأ الشفافية وفصّل عديد النقاط في مقالات مبينا فيها أمورا ما كان لأي كان أن يقر بها، فاستفاد كثيرا من التغذية الرجعية (FeedBack) وطور من أداء خمسات إلى أن عاد مجددا للواجهة.

عاد خمسات بوجه فني جديد، بل لم يتوقف الأمر في ذلك الحد، إنما كبر المشروع وأخذ أبعادا أخرى جعلت من شبايك يتصرف -بحكمة وذكاء- فأوكل مهمة المشروع لجهة أخرى تضمن تطويره أكثر وتعزز مكانته في معترك الحياة الافتراضية، في ظل منافسة شديدة لا ترضى بأنصاف المجهودات، فبعدما كان المشروع يكتفي بأوقات جانبية لتسييره، هاقد صار يطلب المزيد ليؤدي أكثر وينتج بشكل أفضل.

هكذا نحجت المهمة -حسب شبايك- بيع المشروع بـ 10000 دولار وانتقلت ملكية خمسات لتصبح ضمن شركة حسوب للأخ العزيز عبد المهيمن الآغا، ولتجد أيادي راعية لها، قائمة بها، فحجم المسؤولية قد كبر، خاصة بعد التتويج بالجائزة الأولى في مسابقة عالم التقنية لأفضل مشاريع الويب العربية لعام 2011 بـ 15000 ريال سعودي (حوالي 4000 دولار) فهنا لا مجال للعودة للوراء، وإنما التفكير في الأفضل، وفعلا فخمسات حاليا يشهد تطورا تلو الآخر بمالكه الجديد، وهو يشق طريقه بثبات، وتتوسع شهرته ونتائجه من يوم لآخر.

قصة شبايك مع خمسات خبرة قيمة سرد منها جزءا مهما في مدونته، وبقي الكثير منها لم ينشر بعد، الأكيد هنا أن استفادته من المشروع جعلت منه مثالا حيا لشاب عربي فكر وخطط ثم أنجز، تعلم في طريق الإنجاز، أخفق مرة ونجح مرات، فبهذه التجربة قد ارتقى من كاتب ومترجم بارع لقصص النجاح، إلى فعّال ومنفذ وعامل بما كان يقول وينشر.

وما نستفيد من هذا كله هو الإيمان بأفكارنا والعمل عليها، متوكلين على الله راجين منه التوفيق، معتمدين العلمية في التكوين والتسيير، منتهجين سبيل الاستشارة، منطليقن من حيث وصل إليه السابقون، فالأخذ بمبدأ التراكم المعرفي يوصلنا لأرقى المستويات وأبعد الحدود، ابدأ فقط وسيلتف حولك الناجحون والمبادرون، ويحاول أن يثبطك الفاشلون، فقط كن حكيما عازما تعرف أين وجهتك وتؤمن بقدراتك.

مثال خمسات وغيره من المشاريع الناجحة أسس لجيل يفضّل أن يعطي قبل أن يطالب، لا ينتظر الغير لينتج ويستهلك فقط، إنما فضّل أن يستبق ويبادر، فالنجاح لم يكن يوما وليد لحظات، ولم يمض في التاريخ ناجح دون عثرات، هنيئا لنا بخمسات، وهنيئا لنا بمشاريع أخرى انطلقت أو ستنطلق.

لماذا عليك أن تستعمل خمسات؟

لديك مهارات ومواهب تود أن تدر بها أرباحا مادية؟ الحل في خمسات فهو يوفر لك مساحة لعرض خدماتك، فقط اطلع على خدمات غيرك وحاول أن تبدع أسلوبا أفضل تجذب به زبائنك، أو اعمل على عرض خدمات متفردة جديدة لم تتوفر من قبل هناك، وحينما تحصل على أموالك يمكنك الحصول عليها إن كنت تملك الوسيلة لذلك، وإلا فيمكنك أن تشتري بها خدمات تحتاجها وهي معروضة في خمسات، فقط قم بجهد وأجد لك حلولا، فميزة خمسات أنه بيئة للإبداع والتميز.

والآن قم بأول خطوة وسجل في خمسات

على الجانب: هذه مقالة ضمن خدمة كتابة المراجعات حول المشاريع، فإن كنت مهتما اطلبها من خمسات :)، كما يمكنك الاطلاع على خدماتي هناك من بينها الإعلان في المدونة.

شكرا خاص للصديق العزيز: عمر خرسه