بقدر ما أثير حول الفيلم من ضجة إعلامية وتسويقية حمّست لمشاهدته كل من مرت به معلومة إنتاج فيلم خاص للصحابي الجليل بلال بن رباح رضي الله عنه..

وبقدر ما درسنا عن شخصيته الملهمة في حصص التاريخ المدرسية منذ أولى المراحل، وما نحتفظ به من تصور عنه..

وبقدر ما للأعمال من هذا النوع من تأثير على المتلقي -خاصة الطفل- بمستوى الإخراج الفني المتقن، واستعمال برامج تقنية احترافية..

وبقدر ما كنت شخصيا أنتظر لحظة مشاهدتي للفيلم كاملا بعدما مرت علي لقطات تشويقية قصيرة عنه هنا وهناك..

وبعدما قرأت الرواية التي ألفت حوله من الدكتور أحمد خيري العمري والانطباعات الإيجابية التي خرجت بها بإسقاطاته الذكية بين المرويات وما يتطلبه زمننا المعاصر، واستثماره لهيكل القصة الغزيرة بالقيم والأفكار بإضافة امتدادات واجتهادات لم تنقص من قيمة بلال وإنما زادته ثقلا ووزنا..

إلا أني لا زلت متسائلا عن المغزى والمقصد من إنتاج فيلم يغلب عليه الأكشن والحروب والانتقام والعنف لغرض الإثارة واستعراض القدرات التقنية في التحكم ببرامج تصميم الأعمال ثلاثية الأبعاد على حساب قدرات الطفل النفسية في تفسير الظواهر، ومدى استيعابه لما وراء تلك الرسائل التي ترد إليه بشكل مكثف..

شاهدت الفيلم أخيرا.. وأعجبت بالتقنية الفائقة الجودة فيه… إلا أني لم أقتنع بالمحتوى ولم أخرج منه إلا بانطباع سيء عن شخصية كنت ولا أزال أراها أرقى وأجمل وأفضل مما صورت به..

هناك فجوة عميقة وجهد كبير ينتظر كل من يجازف بتجربة تحويل شخصيات تاريخية من صفحات الكتب العتيقة إلى أعمال سنمائية تلفزيونية، لازلنا حبيسي النظرة الضيقة وتكرار التجارب والتركيز على الحرب والسيف والقهر في أغلب لحظات أي عمل سنمائي تم إنجازه في هذا السياق..

وهذا ما يضع كل ولي في حرج مع أبنائه وبناته في انتقاء الأصوب والأفضل لهم، ويضع أيضا كل مشاهد في حرج مضاعف مع مغالطات كثيرا ما قاومها مع خصومه ومن يحاججه ويحاكمه عليها ويرميه بشتى التهم القاسية..