قال رجل حكيم: “من اجتمعت عنده مهمّتان لقضائهما، إحداهما دنيوية والثانية أخروية، فليقدم الثانية على الأولى يعنه الله في كليهما”، لعل هذه أحسن عبارة أستهل بها مقالتي اليوم حول العمل التجاري الخيري في مجال التصميم، فقد اعتاد المصممون على استقبال أعمال تجارية  تدر لهم ربحا، وأخرى خيرية يضحون فيها ببعض جانب الربح المادي أو كله ويرجون من وراء ذلك ثوابا عند الله عز وجل.

من المصممين من ألزم على نفسه خدمة الدين والأمة، ونصرة كل ما له علاقة بكلمة: “تضامن، تكافل، خير، تطوع…” حيث لا يتردد في المساهمة بإبداعه، كلما عرضت عليه مهمة كهذه، هذا النوع نشكره وندعو الله له كل التوفيق، أما النوع الثاني فهم الذين همهم جيوبهم، ولكن غفلوا أو تغافلوا أن الله لا يبارك في رزق مالم يطعّمه صاحبه بالصدقات، ومن الصور التي نفرّق فيها بين الصنفين بقصد أو دونه ما يلي:

  • عادة ما تكون لمؤسسات الدعاية والإعلان مقاييس ونظم ابتداء من استقبال الزبون وطلبه إلى توزيعه له وتسليم العمل، ففي طلبات الأعمال التجارية نتعامل بصرامة، ولا يكون لنا من علاقة بيننا والزبون سوى أن نلتزم بتقديم الأفضل له وفق ما طلب، كما عليه أن يلتزم بدفع ما عليه من تكاليف للعمل، أما العمل الخيري ففيه العديد من التنازلات ككونه مستعجلا أو يطلب فيه صاحبه المساهمة في ثمنه وتخفيفه أو إلغائه تماما وتقديمه مجانا إن أمكن، هنا يظهر الفرق بين النوع الأول والثاني من المصممين، فلابد أن نستقبل العمل بابتسامة ونضعه موضع أي عمل تجاري آخر، أو أكثر، فالأول تجارتنا فيه مع العبد، والثاني مع الله، ولنا أن نختار أيهما أهم وأفضل.
  • العمل التجاري يتم استقباله بشغف لما يدرّ فوائد مادية ملموسة، فيما تُرى طلبات الزبائن للأعمال الخيرية بعين من التذمر ولو يغير إظهار لذلك.
  • العمل التجاري تقدم له أوقات ثمينة أما الخيري فتترك له آخر الأوقات، أو هوامشها، فالأحسن أن نخلص النية لله وننجز المهمة في وقت إبداعنا وعطائنا، مع أننا يمكن أن ننجزها في أوقات الراحة وهذه تضحية جميلة، فعلينا أن نهتم بالعمل الخيري كاهتمامنا بتقديم أي خدمة لشركة محترمة محترفة.

هل يجب أن أقدّم خدمات خيرية إضافة لما أقدمه من تجارية؟

هذا أمر واجب وأكيد، فالعمل الخيري ما إن خالط نشاطاتنا وامتزج بها إلا ونزلت بركة الله وحفظه على تجاراتنا وشركاتنا، كما يعتبر طهارة لأموالنا من كل شائبة، ولا يغني عن الزكاة، فهما معا يعتبران حصنا منيعا لنا، فيمكن أن نقدم استشارات وأفكار دعوية في المناسبات الدينية، لأي هيئة خيرية تطلب منا ذلك، وأمثلة العمل التطوعي للمصمم كثيرة ومجالاتها واسعة.

وقد ساد اعتقاد خاطئ في بعض الأوساط كون المصمم الذي يعتمد كثيرا على الخلفيات الرمضانية والدعوية ليس له من الخبرة والتجربة في التصاميم التجارية، فأنا شخصيا أعرف مصممين محترفين في أعمال تجارية محضة لهم في التصميم الإسلامي بزخارفه وخطه العربي المتميز بصمة محترفة مذهلة.

العمل الخيري مطلوب جدا، والأجدر بنا كمصممين أن نطوّر من إعلاناتنا الدعوية، فما أجمل الدعاية لإعلاء كلمة الله، وكل يساهم بطاقته ومما آتاه الله، ولا يختلف صاحب المال وصاحب الفكرة وصاحب التصميم وصاحب الإنجاز، الله تعالى فقط من يعلم قدرهم. فاللهم وفقنا لعمل الخير، وأجزل لنا الثواب وتقبل منا إنك أنت السميع العليم.

التدوينة منشورة أيضا في موقع نقطة بداية