يحتفى بعض المسلمين بذكرى المولد النبوي الشريف، ذكرى ميلاد الحبيب محمد صلى الله عليه وسلم، فيما فضّل البعض الآخر عدم القيام بذلك لأسباب عدة، لعل أهمّها عدم ورود ذلك في السنّة، وبغض النظر عن صحّة أو خطأ ذلك الاعتقاد، فأنا شخصيا ممن يؤمن بالاحتفال بالمناسبة.
حقيقة أستغرب كثيرا لمن يحتجّ على إقامة هذه المناسبات لسبب أو لآخر ولعل أهمّ سبب هو عدم فعل الرسول ذلك الأمر، لست بالخبير في الشريعة الإسلامية ولست مفتيا، ولكن أقول له قرارك ملزم لنفسك فقط، كما أننا لا نعيب عليك عدم الاحتفال، أنت أيضا احترم اجتهاد إخوان لك في الدين، وكف عنهم تعريضك وحتى سخريتك أحيانا، لأنه من المسلّمات أن لكل فريق أدلّته وقرائنه لما يعتقد ويفعل.
شخصيا أؤمن أن الاحتفاء بالمولد النبوي الشريف مفيد مقصدا ونتائجا وانعكاسات، خاصة عند الناشئة الصغار، حيث يكتشفون شخصية الرسول صلى الله عليه وسلم جيدا، سواء عن طريق المشاركة في مسابقات منظّمة بالمناسبة، أو القيام ببحث علمي حول خصاله ومآثره، أو الحضور في حفل إنشادي تتخلله وقفات مع سيرة خير البشر عليه صلوات الله وسلامه، كما أن للاجتماع العائلي أجواء خاصة إن استغلّت في ذات الهدف ولم تنجرّ لمواضيع أخرى لا تمتّ بصلة للمحتفى به، بل وتعارض نهجه في بعض الأحيان.
كما أن المناسبة محمودة ومشروعة فهناك ما ينكر فيها، وأذكر عندما كنت صبيا بين الخامسة والسادسة، كان لدي اعتقاد راسخ ولدى أقراني أن المولد عبارة عن موعد مع المتفجّرات والمفرقعات، مناسبة سعيدة تنتهي بخصام ومعاداة قصيرة لحسن الحظ أنها لا تطول كوننا أطفال ومن حسنات الطفولة أنها لا تطيل العداوات، هكذا كانت رواسب تتكدّس لدينا ولم تتغير إلا بعد أعوام، فالمقصد من المناسبة لم يكن واضحا في مجمله عندما ترى الأسر تفرح أبناءها بتوزيع تلك المواد المضرّة عليهم، وبين فريق كبير مؤيد للفكرة وآخر يعد على الأصابع معارض ومنتبه لسوء عاقبة الأمور تتجدد الأحداث كل عام.
كانت أسرتي من معارضي المفرقعات، لكن لجهلي وصغر سنّي أستغرب قرارها ولا أجد مبرّرات رغم التبريرات، لا لشيء سوى لأني أرى أننا الاستثناء، ومن حولنا هم القاعدة، فلا يعقل أن يكون الأغلبية على خطإ، ومع مرور الوقت بدأت الصورة تتضح أكثر وأكثر، وعلمت أنها مناسبة الحبيب المصطفى، فيها ولد وبه نحتفي ونستذكر محطات حياته النيّرة، وما وجود تلك المفرقعات إلا عادة دخيلة كلما انتشرت في محيط كلما بيّنت بعدهم الكبير عن روح المناسبة، وافتقادهم لمعاني الاقتصاد في النفقة والترشيد فيها.
من جملة المفارقات أنه لدينا أبناء أحد ساكني حيّنا يتسوّلون طيلة العام ويتذمّرون من حالتهم البائسة، والدهم يشكو صعوبة العيش وشح الموارد، فيما والدتهم تستعطف نساء الحي ليشفقوا على حالها، أما حين اقتراب المولد فهم قصّة أخرى تماما، يتباهى الأبناء بشتى أنواع المفرقعات أمام أقرانهم حافظين أسماءها الغريبة، يعتدون على كل من وقعت عليه أعينهم، أما عن والدهم فهو جالس مع أصدقائه يراقب الوضع من بعيد والويل لمن سولت له نفسه التدخّل ناصحا أو عاذلا فهم لهم محميتهم الخطرة وأنت اسلك طريقا آخر أو أوجد لك حلا فهذه ليست مشكلتهم!
سألت عن مصدرها؟ ولماذا التناقض في إطلاق حملات التوعية من مخاطرها فيما يسمح لمن يستوردها بإدخالها موانئنا؟ سألت هذه الأسئلة لما كان اعتقادي بأني أعيش في جنّة تحرسها ملائكة كرام، ويقوم بها رجال حائرون على مستقبل أبناء الوطن، إلا أني أفقت على حقيقة أنه لا هذا ولا ذاك، كل ما في الأمر أن تلك السموم تستورد كغيرها من السلع، كانت فيما مضى تدخل سرّا، إلا أنها اليوم أصبحت أهمّ من الماء، فالماء ينقطع أحيانا ويشهد تذبذبا في توزيعه، فيما المفرقعات دائمة الحضور دون تأخير.
لدينا من يشتكي نقص الموارد، ويحرّض لمظاهرات ومسيرات هنا وهناك، شباب يعاني البطالة حسب زعمه، لكن موسم المولد الذي يمتد لأسابيع تختفي منهم كل هذه الشكاوي، ويتحولون بقدرة قادر إلى منتشين بإحراق الملايين من أموالهم إن كانت فعلا أموالهم دون أي حرج، دون احترام لكبير أو صغير مرّ أمامهم، يطلقون ضحكاتهم حينما يهمّ فزعا مما رموه به، فلا تملك حينها إلا أن تقول لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، مغيّرا المنكر بقلبك وذلك أضعف الإيمان.
مادام أعداؤنا يشاهدون مناسباتنا الدينية بهذا الشكل هم مطمئنون ولا خوف عليهم منا، فمن مساوئ أولي الأمر عندنا أن وفّروا أو على الأقل التزموا الصمت حيال هذه الظاهرة الخبيثة الدخيلة علينا كمسلمين، وإعلامنا المكتوب ماشاء الله عليه يشجعها ويدلّ عليها ويفتخر بشباب اقتنوها وتفنّنوا في الإضرار بها تحت مسميات عدة إحداها المتعة، وأية متعة! وإن كنت معتقد والحمد لله أن هناك من الجانب الآخر الساعون لمحاربتها بشتى وسائل الدعوة والترشيد، لكن كما قيل:
لو أن ألف بان خلفهم هادم كفى**** فكيف ببان خلفه ألف هادم!
فاللهم أصلح حال أمتي، واهد شبابها، وأرنا الحق حقا وارزقنا اتباعه، وأرنا الباطل باطلا وارزقنا اجتنابه…
مرحبًا جابر , أعجبني الموضوع ^__^
مع أني اختلف معك في بعض النقاط (أنا شخصيًا في هذه المناسبة أفضل عمل لا شيء)
تحياتي 😉
الحمد لله الذي أكرمنا بالرسول الكريم ونسبنا إليه بأن سمانا أمة محمد. أنا أؤيد الاحتفال بمناسبة المولد النبوي ولكن بحدود ودون إسراف أو مبالغة في الاحتفال.
السلام عليكم ورحمة لله تعالى وبركاته
بوركت يا جابر على موضوعك جميل وشيق جدااااااا
قلت قطرة من بحر ومازال أمور آخرى تجرى في ليلة المولد النبوي الشريف وهذا ماقد أفكر في طريقة تفكيرهم لإحتفال بهذه المناسبة !!!
وسلام.
السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته ..
بوركت اخي جابر على الموضوع الرائع والجميل …
و مولد نبوي مبارك للامة الاسلامية ، وكل عام وانتم بالف خير ..
—————-
اخوك … سفيان
مجرد كلام ,
فالمحبه الحقيقيه هي متابعة النبي صلى الله عليه وسلم والاقتداء به والابتعاد عن ما امرنا بالابتعاد عنه
قال عليه الصلاة والسلام ( من أحدث في امرنا هذا ما ليس منه فهو رد ) !!!
يا من تحب النبي عليه الصلاة والسلام أين أنت من كلامه !
قلي بالله , أانت أحب لنبينا صلى الله عليه وسلم , من ابي بكر وعائشه والخطاب علي والزبير والوليد وابن عباس وابي هريره … والحسن والحسين والصحابة كلهم !
يآخي لم يحتلفوا ! إن قلت لي : ليس هذا معناه القول بعد الجواز , قلت لك : أأنت أحرص منهم بسنة النبي صلى الله عليه وسلم !!
يآخي اتقي الله ولا تخطو خطوتاً واحده إلا ولك في رسول الله أسوة حسنه
وفقك الله
الأخ الكريم مشعل، لا أفقه الحديث في العلوم الشرعية لأدخل في قضية الجواز من عدمه، فهذا ليس من تخصصي، إلا أني من باب التوضيح أقول:
* من ذكرتهم من الصحابة رضوان الله عليهم عاشروا الرسول صلى الله عليه وسلم وعرفوه حقّ المعرفة، أما نحن بعد قرون فليس يربطنا بالرسول صلى الله عليه وسلم إلا سيرته العطرة التي نقرؤها ونتلقاها، والاحتفال الصحيح بالمناسبة وفقة هامة للتعريف بالنبيء عليه صلاة الله وسلامه عليه، على الأقل هذا ما يحدث في محيطي من بُعد عن تعاليم الدين، فرضته عدة عوامل، ولا أدري ما يقع حولك أنت باعتبار اختلاف المناطق والمعطيات.
ديننا فسيح والعمل وفق المقاصد هو السرّ وليس التعامل بالنصوص والعقل والنقل فقط. وشكرا
هلا اخوي جابر ,
الاحتفال ممنوع بالمولد النبوي مهما كان السبب ( حرام )..
–
النيه الحسنه والمقصد الحسن لابد ان يكون وفق عمل صحيح سليم وهو الاقتداء بالنبي عليه الصلاة والسلام
فلا قبول للعمل وإن كان حسن ( مع الطريقه الخاطئه- مخالفي للهدي النبوي)..
أما نشر سنة النبي عليه الصلاة والسلام وسيرته أكبر من أن نعطيها من حياتنا يوم واحد في سنـــه كامله !! هذا وإن كان فعل(الاحتفال بالمولد )صحيح !
النبي عليه الصلاة والسلام هو قدوتنا وبنور دربه نقتدي , فلابد ان ننشر سيرته العطره وصفاته والدين الذي بلغنا إياه , وهذا لايتـوقف مع الاحتفال بالمولد !
وفقك الله يآ آخي جابر,,
تمنيت انك لم تكتب هذا الموضوع , لأنه اولاً وأخراً موضوع شرعي يختّص به أهل العلم , وهو موضح في كتب أهل العلم المستنبط من كلام حبيبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم.
اخوك
السلام عليكم، على كل حال هناك رأي ورأي آخر، واختلاف بيئة المدونين يولّد هذه الآراء، أشكر تفاعلك مع الموضوع.
الأختلاف الصحيح , يكون مبني على دليل ! ليس مجرد لفظ (اختلاف) وحسـب ..!
وفقك الله
حبيبي كتبت في الفقرة الثانية عن أمر الاختلاف، فكما لا أنكر عليك أنت أيضا لا تنكر عليّ، المقالة عبارة عن خواطر لأجواء الاحتفال بالمولد النبوي الشريف الذي هو مشروع عندنا بأدلة من نثق فيهم.
عليّ احترام كل العلماءكم وآراءهم، أما الدليل فيمكنك الغوص أكثر والبحث عن أدلة من يحلّون ما تراه حراما.
ملاحظة: من المستحيل أن تلقى إجماعا لكل ما تعتقده، هذا شعار أؤمن به، وأحاول العمل وفقه.
وفقك الله
السلام عليكم آخي جابر ,,
( فكما لا أنكر عليك أنت أيضا لا تنكر عليّ)
—
ليست المسأله شخصيه حتى لاتنكر علي ولا انكر عليك , نحن قدوتنا النبي عليه الصلاة والسلام , وقد شرع لنا الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر , فإن رأيت في آخي الزلل والخطأ والجهل نصحته وأخبرته بفعل نبينا عليه الصلاة والسلام حتى يصلح أمره ..
—-
(عليّ احترام كل العلماءكم وآراءهم، أما الدليل فيمكنك الغوص أكثر والبحث عن أدلة من يحلّون ما تراه حراما.)
المسألة ليست إحترام , أكثر مما هي مسألة دليل المأخوذ من سيرة النبي العطره الذي ما بقي خير إلا دل عليه أمته صلى الله عليه وسلم , وأبعدها عن مايضرها ..
نحن لا نأخذ كلام أهل العالم الغير موافق لخير الأنام محمد عليه الصلاة والسلام.
من يقول انها حلال (هو المطالب بالدليل ) فـ المسأله مسألة إقتداء, لماذا؟ لانه إحداث في الدين مما ليس فيه..
انظر إلى الفاروق عمر عندما قبل (الحجر الأسود) .
قال ( إني أعلم أنك حجر لا تضر ولا تنفع ولولا أني رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يقبلك ما قبلتك”.)
هنا الاقتداء الحقيقي لمن يحب النبي عليه الصلاة والسلام .
—-
(من المستحيل أن تلقى إجماعا لكل ما تعتقده، هذا شعار أؤمن به، وأحاول العمل وفقه.)
الإجماع موجود في اشياء , والخلاف موجود في اشياء .
الإجماع في أصول الإيمان موجود
الإجماع في وجوب الصلاة
الإجماع في وجوب الزكاة
…الخ
الخلاف موجود أيضاً في مسائل (مثل أحكام في الطهارة والصلاة)<<– طبعاً أنبه ان الخلاف السائغ هو ما قام على دليل , والأفهام تختلف من عالم إلى عالم فمنهم يستنبط مالا يستنبطه غيره..
فليس كل خلاف مسوغ بالعمل فيه !
وفقك الله
لو كان خيرا لسبقنا اليه الصحابة والتابعون