جبل الإنسان الطموح على الرغبة في التميز، والشغف نحو الريادة، فهو يبذل جهودا معتبرة، يترك من خلالها بصماته في الحياة كصدقة جارية، وفوق ذلك كله سعيه بإخلاص ليحظى برضوان الله سبحانه وتعالى كغاية سامية نبيلة.
لا خلاف فيما سبق ذكره، وهذا ما يطلبه المجتمع وينتظر من أبنائه الذين حملوا مشعله والتزموا بمسؤولية الحفاظ على قيمه ومكاسبه، وصيانة ما اختل منها، فضلا عن الإبداع والإضافة عليها، بينما تثور زوابع النقاش في كل مناسبة يطلق فيها مشروع جديد.
هو جدل أزلي حول أولويات الإنفاق، ونقاشات أبدية حول جدوى إعلاء المباني على حساب تنمية المعاني ورعاية الإنسان عقلا وفكرا، فنحن هنا بين فريقين يرى أحدهما الحاجة ملحّة في الوسائل وتوفير الظروف المادية المناسبة للعمل والإنتاج، وفريق يفضّل الإنفاق على الإنسان تكوينا وتحفيزا ليبدع ويثمر أكثر.
أي الفريقين على صواب؟ وكيف السبيل لتحقيق المقصدين معا دون إخلال ولا وميل؟ أليست المسؤولية قائمة على حامل الفكرة أكثر مما هي على المنفق؟ ألم يقصّر مثلا في آليات الإقناع والتسويق لفكرته مقابل اجتهاد الطرف الآخر في جلب الماء لغرسه؟
التفكير في هدوء، والابتعاد عن اجترار النقد، سييسّر لنا سبلا للحوار، ويتيح لنا آفاقا جديدة، ما دامت الأهداف مشتركة، والمقاصد واحدة، وما دام العمل لأجل مصلحة عامة لا لأهداف شخصية ومكاسب آنية خفية وراء ستار خدمة المجتمع.