في كل بداية موسم دراسي تطفو للسطح نقاشات حول نوعية التعليم وجودته، وأي المؤسسات أفضل وأسوأ، وماهو نظام التعليم الذي نريد؟، وعن دور الأسرة وعلاقتها بالمدرسة، فضلا عن التجاذبات السياسية التي تحدث بين الوزارة والنقابات وهو ما يجده الإعلام عادة فرصة لنفخ الرماد وصناعة الأحداث لتحقيق المزيد من الشهرة والتأثير والتمويه.
من وراء كل هذا الغبار، ومن تحت تلك الأنقاض، نجد الأطفال ببراءتهم ونقاء فطرتهم لازالوا محتفظين بشغفهم، يغمرهم الشوق للعودة إلى أحضان مدرستهم ومعلميهم وأصدقائهم، رغبة جامحة تقودهم منذ لحظة اقتنائهم الأدوات المدرسية وهي طقوس خاصة تمثل عندهم شعورا جميلا.
يبدأ الموسم ويقل ذلك الحماس حتى يكاد يختفي إذا لم يجد دعما نفسيا وسندا روحيا من الأسرة، بل يزيغ المقصد وينحرف الهدف إن وقع الأبناء ضحية تقاذف المسؤوليات والاتكالية بين الأسرة والمدرسة أو أي طرف ثالث ورابع إن وجد.
التنشئة السليمة، والتربية القويمة، والتعليم الجيد، وغرس القيم الفاضلة، ومرافقة الأبناء لفهم الحياة على حقيقتها، وتعزيز الثقة، وتنمية الذاتية فيهم، كلها جهود متداخلة متراكمة متكاملة تسهم في رسم معالم شخصياتهم بنسبة قد تعلو وقد تنخفض وفق الكثير من العوامل التي ندركها وقد لا نشعر بها إلا بعد فوات الأوان.
تغير الوضع كثيرا مذ كنت طفلا صغيرا في بداياتي مع المدرسة، وما عليه الحال مع ابنتي الآن.. تحول كبير في المفاهيم والقناعات والبيئة المحيطة يفرض علينا إخضاع معلوماتنا ورصيدنا المعرفي للتحديث المستمر.
مثلا من لا زال حبيس نقاط الاختبارات بعمومها كمعيار تقييم وحيد فهو باختصار خارج دائرة هذا الزمن!