في حوار مع صديق عزيز كنا نصول ونجول بين مختلف المواضيع وقضايا الساعة.. لم ننتبه للوقت يمضي ونحن نسرد معا بعض الذكريات ونحلل بعض المواقف ونتأمل بعض الأحداث التي وقعت..
لوهلة خيل إلينا أننا نتحدث عن عشرين سنة مضت، أو نتناول أفكارا وقعت في القرن الماضي.. لكننا انتبهنا أن المجال الزمني لأغلب حوارنا كان في الثلاثة أشهر التي مضت فقط..
ما عشناه وما رأيناه في زمن كورونا إنسانيا واجتماعيا لحد الآن معجزة حقا، انهدمت فيها الكثير من القناعات التي حملناها طيلة حياتنا.. كما ترسخت أخرى.. طفت بعضها.. وغاصت أخرى.. توهج بعضها.. وخفتت أخرى..
كورونا خط فاصل بين زمن وآخر.. تأسست فيها مفاهيم جديدة على أنقاض أخرى عمّرت طويلا.. في علاقة الإنسان بالكثير من الأفكار حوله.. مثل: المجتمع.. العمل.. العلم.. الإعلام.. التقنية.. الأسرة.. القدوة.. الثقة.. القيادة.. التدين.. الصداقة.. الشراكة.. التضامن.. وغيرها كثير مما سيبقى مجالا خصبا للبحث والتحليل والاستنتاج سنينا طويلة..
حدثني صديقي عن التغير المفاجئ في نمط حياة الناس والمساس بما يتعلق بالحرية والأمن الاقتصادي والترفيه وكل ماهو متنفس.. مما لم يألفوه من قبل وهو ما أثر فيهم نفسيا بشكل عميق، وأفرز ردات الفعل تلك مما ظهر منها وما هو كامن.. وما هو كامن أخطر..
الإرغام على الحجر الصحي.. إغلاق المدارس فجأة.. إغلاق المساجد التي تعتبر متنفسا هاما خاصة لكبار السن.. إغلاق المراكز الثقافية وما يتعلق بالتدريب والمحاضرات.. حرمان الشباب من ممارسة الرياضات الجماعية بإغلاق الملاعب وتوقف مشاهدة الدوريات العالمية.. وتوقف الأعراس والأفراح بشكلها المعتاد.. إغلاق الحدود والمطارات وعدم تمكن الكثير من العودة لأهلهم وأوطانهم.. إلخ
كل هذه التحولات طرحت ولا تزال أسئلة عميقة في وعي الناس وأفرزت صنفا يسارع لتبني قناعاته الجديدة والإفصاح عنها نتيجة استعدادات سابقة.. وصنف آخر لازال متحفظا مترددا يمسك بيد قناعاته القديمة وبأخرى الجديدة.. وبينهما نسبة معتبرة من الحيارى أثقلتهم مرحلة الشك وأعجزتهم مظاهر التناقض بين ما يعتقدون وما يشاهدون..
الحديث في هذا الموضوع ذو شجون.. وما نوصي به بعضنا هو التماسك أكثر وعدم الانجرار وراء التشنجات فالإرهاق الذهني والنفسي شديد جدا.. والبدائل المتاحة قليلة جدا لا تضاهي الممنوع منها..
الإنسان مهما ادعى.. سيبقى ضعيفا.. ذهنيا.. ونفسيا.. وعاطفيا..