يتميز كتّاب المقالات عادة بأسلوبهم الخاص المتفرد، فمن مقالة لأخرى نجدهم يتمايزون كل بطريقته الخاصة في عرض أفكاره وتناول قضاياه، فإن كان هذا الحال من جانب اللغة، فهناك جانب آخر أهم يتمثل في السياق الفكري إذ له قواعد وأسس خاصة.

السياق الفكري حتمية وضرورة لكل كاتب، وهو تلك الأفكار والتصورات والآراء التي يستمدها من قراءاته ومشاهداته، مرجعياته ومصادره، وكل قارئ فطن ذكي يكتشفها بعد قراءته لبعض المقالات، فعلى كل كاتب أن ينتبه جيدا لهذه النقطة ويضبطها ويولي لها القدر اللازم من الاهتمام.

اسأل نفسك ككاتب، ماهي مراجعي، ومصادري في ما أقتنع وأتخد منه حكما ثم أكتب وأصرّح به؟ هل هي مزيج غير منسجم من هنا وهناك؟ أم القضية لدي مرتبة ومحكمة؟ ما الذي يجعلني أقتنع بكذا؟، أؤيد تلك الفكرة وأرفض تلك، أتبنّى ذلك الرأي وأعارض ذاك…

طبعا هي مدخلاتك المعرفية حينما تأخذ وقتها في ذهنك لتتحول لمخرجات تنساب من قلمك، وتترجم ككلمات في مدونتك أو مؤلفاتك، إذ تحركها حاجة وسؤال تبادر إليك وأشغل بالك همّا واهتماما، فهنا عليك أن تراجع دائما سياقك الفكري وتعاهده بالرعاية والمراقبة، انتق من العلماء والمميزين في مجال تخصصك ما يفيدك، نوّع مصادرك وعدّدها، وابتعد قدر المستطاع عن المعرفة الطازجة الجاهزة للاستهلاك المباشر، فلا خير كبير يرجى من معرفة “الفاست فود” وإنما الخير كله في عمق المعلومة وربط الظواهر بسلسلة أسبابها بعقلك التوليدي المبدع، لا بذهنية الفوتوغرافية المتلقية*.

  • للمزيد من الاطلاع حول هذا الموضوع أنصح بقراءة النتاج العلمي للمفكر المصري د.عبد الوهاب المسيري رحمه الله.