السفر متعة من متع الحياة، ومدرسة من مدارسها، فيها يتخرج من يتخرج وهو محملا بالتجارب، مثقلا بالفوائد والمكاسب، الأسفار محك الرصيد النظري في داخل كل منا ليتحول للتطبيق الفعلي، فيه تختبر الصداقات، وتتميز الأخلاق، وتنكشف الأغطية، ويتباين الطبع عن التطبع.
والسفر نعمة لمن وُهبها، ونقمة لمن لم يتمرس فنونها، منحة لمن خبرها، ومحنة لمن جهل أبسط أمورها، نعم فيه ما يشتهي المرء، ولكن أيضا لا يخلو من المشقة والحرج، أحاول أن أكتب عن الموضوع في بضع نقاط، وبعض الحلقات، محاولا كشف بعض الغطاء عن هذا الحاجز الذي كثيرا ما أثار فضول الناس لمعرفة ما ورائه، الأمر أبسط إن شرحناه، وأسهل إن مررنا خبراتنا وتجاربنا -بزادنا القليل- لغيرنا، وما نقول إلا ما نعلم إن شاء الله.
السفر سفر مهما طال أو قصر مسافة أو زمنا، أو تنوع واختلف وسيلة، إلا أني في هذا الموضوع أركز على السفر خارج الدولة وبالطائرة، فكل حديثي فيما يأتي ينصب في ذلك الإطار، ويدور في محوره، فما وجدتم فيه صوابا فذاك ما كنا نبغي، وما رأيتم فيه من زلات فصوبوها ولكم الشكر.
من الأمور المبدئية في السفر تحديد الوجهة، والهدف من الرحلة، فإن كانت للعمل فهي بالتأكيد لا تخلو من الفسحة والسياحة، وإن كانت للترفيه والمتعة، فلا تخلو من بعض الأعمال والالتزامات ولو الخفيفة منها، الخلاصة أن كل سفرة خارج الوطن هي اكتشاف واكتساب لمعارف جديدة، وتوسيع للمدارك القديمة المترتبة عن الظروف المحيطة والموروثات المتكدسة، هي مغامرة شيقة فصولها بأيدينا نحسن أو نسيء.
اتخاذ الرفيق أيضا من أوكد ما ينصح به، ورفيق السفر ليس كأي إنسان، فكما هو معلوم للجميع بأن السفر محك الطباع، يظهر المعدن في أصله وحقيقته، وإن أردت أن تختبر صداقة شخص سافر معه، كما لمعاملاتنا في الوجهة التي نقصدها تمثيل لنا كأشخاص ودولة وديانة، حسن التعامل مطلوب، والدعوة بالحال أمر مهم نقدم بها خدمة لكل من يقصد الوجهة بعدنا، أو العكس لا قدر الله إن نحن أسأنا فسار الانطباع علينا وعلى من هو من بني جنسنا ووطننا.
للسفر إجراءات رئيسية وأخرى فرعية أحاول في بضع نقاط أن أتناول أهمها كبداية، ثم أفصل في ما يأتي لاحقا من مقالات في الموضوع:
- جواز السفر: تجهيز جواز السفر ضروري فلا خروج من حدود الدولة دونه، والتيقن من صلاحيته بالنظر إلى تاريخه إذ تشترط المصالح التي تقدم تأشيرات الدول بتوفر ستة أشهر على الأقل قبل تاريخ انتهاء صلاحيته.
جواز السفر في رأيي من أوجب ما علينا الحرص لإصداره خاصة مع العراقيل الموجودة فيه، فلا ننتظر حتى نكون أمام فرصة للسفر حتى نسعى لطلبه، وكم من فرصة ذهبت دون رجعة على أشخاص أعرفهم للسفر إلى وجهة خارج الوطن فكان ردهم عدم امتلاكهم جواز السفر، حتى إذا سعوا في إجراءات استصداره كان الوقت قد فات أو كاد، فمادامت صلاحيته تدوم 10 سنوات فلماذا لا يكون لديك من وقت سابق تحسبا لأية فرصة؟
- التأشيرة: هي إذن بالدخول للأجانب عن أية دولة، وهي تُشترط لزائري الدول أو يعفون عنها حسب الاتفاقيات الموجودة بينها، منها ما يكون من الطرفين بالمعاملة بالمثل ومنها ما يأتي من جانب واحد، فمثلا كجزائريين تفرض علينا تأشيرات معظم دول العالم إلا من بعضها كتونس والمغرب وسوريا وماليزيا… إلخ، وسبيل الحصول عليها كذلك يختلف من دولة لأخرى، منها ما هو صعب ومنها ما يكون بإجراءات بسيطة، وأنواع التأشيرات كثيرة منها السياحية وزيارات العمل، والزيارات العائلية، وتأشيرات الدراسة… إلخ.
ما ينصح في التأشيرة هو العمل على الحصول عليها مسبقا بفترة كافية تفاديا لأية طوارئ، أما عن استصدارها فإن كانت بدعوة خاصة من الجهة المضيفة في الدولة المراد زيارتها فذلك أفضل وأيسر، وإلا فلكل دولة إجراءاتها التي أساسا تكون على مستوى السفارات والقنصليات الممثلة لها في دولتك.
- التذكرة: تذاكر الطيران علم قائم بذاته، ومراد كل مسافر أن يجد العرض الأنسب له ماديا ومعنويا، في هذه الحالة علينا استعراض شركات الطيران التي تعمل في ذلك الخط، وذلك عن طريق وكالات السياحة والأسفار، منها نقرر مع أية شركة نحجز، وكلما كان الحجز مسبقا بمدة طويلة كان العرض أرخص، وكلما كان موعد الرحلة والحجز متقاربان كان السعر أغلى، بالإضافة للمواسم التي ترفع أو تخفض فيها الأسعار بطريقة لا تفهم بسهولة، وإنما بالممارسة، مع خصوصية واختلاف نظام كل شركة طيران عن الأخرى.
من أهم ما ينصح في التذاكر، التأشير على الأوقات والتواريخ بلون خاص، فكثيرا ما أخطأ المسافرون في مواقيت سفرهم، وذلك لعدم تأكيدهم موعد الإقلاع، خاصة الفخ الذي وقع فيه أكثر من شخص حينما تكون الرحلة على الساعة 01:00 صباحا، بتاريخ 25 جوان مثلا، فيذهب المسافر للمطار احتياطا في 25 جوان على الساعة 22:00 على أمل أن يركب في 01:00 لكن التاريخ حينها يكون يوم 26 جوان، ويكتشف أن طائرته غادرت أمس !
- معلومات عن الوجهة: البحث عن معلومات حول الوجهة عمل متواصل يجب أن يكون منذ تحديدها، وأفضل طريقة لذلك البحث في الإنترنت بالاطلاع على المواقع السياحية وقراءة خبرات من سبق وزار تلك الدولة في المنتديات أو المدونات، وكذا بالتواصل مع أصدقاء من تلك الدول عن طريق فيسبوك أو تويتر أو غيرها من برامج التواصل، وتجاذب أطراف الحديث معهم بطريقة ودية مخبرا إياهم بزيارتك لهم واستنصاحهم فيما يجب النصح فيه.
أكتفي بهذا القدر من النقاط في العدد الأول من هذه المقالات التعريفية التي جاءت بناء على طلبات كثيرة، ستتلوها حلقات أخرى في الموضوع إذ لازال طويلا، فقط أشير إلى أن استفساراتكم في التعقيبات على المقالة تؤخذ بعين الاعتبار فما علمت منها أجبت، وما جهلته ننتظر من يجيب عليها ممن خبر الفكرة وسلك طريقها من قبل.
حلوة اوى المعلومات دى .. شكرا لك على المقال
عملي جدا ما كتبت. أنا من هواة السفر. وفعلا كل ما ذكرته مما قد نغفل عنه وهو أول ما ينبغي 🙂
لو تأذن لي قبل إقلاع الطائرة أن أضيف:
– حزم الحقائب، في زيارة لمانيلا ذات يوم لاحظت أن معظم طرق العاصمة ذات تزفيت مختلف به مسامير صغيره هذا يعني أن حقيبة الجر بالعجلات أسو ما يمكن والأفضل حقيبة حمل على الظهر (هذا لمن لا يستقرون في فندق بعينه مثلي). حاول أن تتعلم كيف تسافر خفيفا. هناك نصائح كثيرة بخصوص هذا.
– الاطلاع قليلا على بعض عادات الناس في تلك البلاد وكلامهم، رمي العلك في ماليزيا أشبه بأكبر الحماقات في شوارعنا.
البقية مع البقية 🙂
بارك الله فيك.
السلام عليكم
المسافر إلى وجهة معينة مسبقا أو في سفر عمل يكون قد اختار البلد بحكم سبب السفر أما الذي يقصد من سفره السياحة والترفيه فعليه البحث أولا عن البلد الذي يناسب هدفه ويلبي ما تخيله…
هي ملاحظة وردت إلى ذهني وأنا أقرأ موضوعك المفيد
شكرا
تسلم على المقالة الرائعة
شكرا على المدونة الجميلة هذة اشكركم جدا جدا