Site icon مدونة جابر

عودة أخرى بعد الإجازة

بحمد الله وتوفيقه كنت في إجازة سنوية شيقة ومميزة، مع فريق عملي الرائع، وكعادتي فقد خرجت بمجموعة انطباعات جديدة وصححت العديد من المفاهيم، وعدلت من بعض القناعات التي كانت راسخة قبل اليوم، بفضل الاطلاع على أماكن وأشياء جديدة لأول مرة أكتشفها.

الرحلة كانت سياحية بالدرجة الأولى، فاخترنا وجهتنا هذه المرة غرب الجزائر، بعدما أخدتنا جولات قبل هذا العام للشرق وحتى خارج الوطن في أكثر من مرة، اخترنا الغرب هذه المرة وبالضبط تلمسان وما جاورها، تنويعا وحبا للمزيد من الاكتشاف، فعشنا لحظات رائعة بلغة التفاؤل، وأخرى تدعو للعمل وبذل الجهد أكثر بلغة الواقعية، فالجزائر جنة الله في أرضه ولو بدون أية لمسة بشرية فيها، إلا أن ما طالته يد الإنسان فيها أدى لتشويه تلك الطبيعة عوض الحفاظ والتطوير فيها.

طبعا ما هو مؤكد أن هذه السمة تغلب أرض الوطن جميعا وليس فقط ما زرته هذه الأيام، وعلاج ذلك التوعية ثم التوعية، بدون ملل ولا كلل، لأن المتتبع لحال السياحة عندنا منذ عشر سنوات إلى اليوم يجدها في تطور ملحوظ، فلم لا نكون متفائلين بتحسن الأمور إلى الأفضل فيما يأتي؟

أعود لأجواء الإجازة التي تجعلنا أحيانا نغض الطرف عن ملاحقة العيوب فقط دون التنعّم بمكتسبات أخرى لا تقل أهمية، مثل الأمن والحمد لله، والابتسامة التي ترتسم على وجود سكان تلك المدن، وكذا الترحيب ومحاولة التواصل وتقديم يد العون قدر المستطاع، فهذا يدلك على أحسن المناطق راحة، وذلك يختصر لك طريق الوصول لهدفك المنشود، وآخر يروي لك القصص والأسرار التي تزخر بها المنطقة، خاصة في الحدود مع الشقيقة المغرب، أمور لا تتصور ولا يمكن استيعابها إلا بمعايشتها بالعين المجردة.

لحظات لا تنسى عشتها في مغنية ومرسى بن مهيدي، وشاطئ موسكاردا، وشاطئ بيدر وحمام بوغرارة وحمام شيقر وندرومة والغزوات وتونان وتلمسان عاصمة الثقافة الإسلامية، بهضبة لالا ستي الأنيقة التحفة، وشلال الأوريت ومغارة بني عاد المعجزة، ومدينة سيدي بلعباس الهادئة ببحيرتها الساحرة وغليزان المضيافة وتيارت العريقة وغيرها من الأماكن الرائعة جدا أنصحكم بزيارتها شبرا شبرا.

فيما سبق كان قاموس السياحة الداخلية بالنسبة لنا يجرنا دائما ويدلنا على كل جميل في شرق الجزائر، إلا أنني اكتشفت مؤخرا أن المنطقة الغربية تحوي كنوزا هي كذلك، فصدق من قال إنك تجد كل الفصول الأربعة في بلدنا الحبيب بداية من كثبان الثلوج والرمال، الأشجار الكثيفة والنخيل، الشواطئ والبحيرات، الأنهار والوديان، الجبال والسهول، البرد والحر… كل هذه الأشياء يمكن أن تعيشها في دولة واحدة اسمها الجزائر.

وما زاد من جمال الرحلة أيضا الطريق السيار شرق غرب، فهو بحق تحفة تستحق التجربة، وسيلة سهلت لنا كثيرا قضاء الإجازة براحة أكبر، وفي وقت أمثل، تمتّع ناظريك عن يمين وشمال بمناظر طبيعية خارقة، وفي انتظار استكمال ما تبقى منها من قطع صعبة منها الجسور ومنها الأنفاق في الجهة الشرقية، وكذا مواقف الاستراحات التي تحوي محطات الوقود ومحلات تجارية وخدماتية في سبيل راحة مستعملي الطريق، فهذه منّة من منن دولتنا تحسب لها كإنجاز عظيم لا يحس به فعلا إلا عاش فترة قبل وبعد المشروع.

الإجازة بقدر ما كانت جميلة شيقة جعلتني أغيب عن العالم الإلكتروني إلا من إطلالات خاطفة، فالأكيد أنه فاتني الكثير من الجديد، أحاول تداركه مع الوقت، فأعتذر لمن راسلني ولم يلق ردا فالسبب الآن واضح إن شاء الله، ومن جهة أخرى فقد حملت الإجازة معها مفاتيح مواضيع كثيرة أبرمجها في المدونة لأنشرها تباعا، فهي تضاف حاليا للكم الكبير الذي ينتظرني للكتابة حوله، وما أجمل أن يكتب المدون مما رأته عيناه وليس فقط ما تلقفته أذناه، فليس من رأى كمن سمع كما يقال.

أعود لنشاطي المعهود إن شاء الله، وأواصل نشر المقالات بانتظام خلال الفترة المقبلة، وأبارك لكم قدوم شهر رمضان الكريم بعد أيام، أوصي فيه نفسي وإياكم باعتماد برنامج خاص وتقييد أهداف معينة لبلوغها، فاللهم سلمنا لرمضان وسلم رمضان لنا وتسلمه منا متقبلا يا أرحم الراحمين.

الصورة: [فليكر]

Exit mobile version