راسلني متابع مهتم يسألني عن رأيي في المقاطعة، وحالها هنا في سلطنة عمان والخليج عموما، وهل تراها فكرة صائبة أو مجرد نزوة عابرة سرعان ما تزول وتصبح طي النسيان بعد أيام..
في حقيقة الأمر طالما كنت أعتبر -وعن قناعة- دعاوى المقاطعة السابقة نوعا من ردود الفعل المؤقتة ذات الحماس الآني لأن الدافع منها حينها مما لا يتطلب التفاتة ولا تضييع أي وقت للاهتمام بها أصلا، وهي دوافع رسومات كاريكاتيرية تافهة، أو تهديد بحرق المصحف، وهي مجرد ألاعيب صبيانية تستفز غضبا عاطفيا فقط.
أما هذه المرة، فالأمر مختلف تماما، وبغض النظر عن الانتماء الديني، أو العرقي، أو الإقليمي، نرى أن الظلم والاعتداء تجاوز كل حدود العقل والإنسانية والضمير، وعن سبق الإصرار والترصد، وإعلان الدعم الصريح لهم بعدما ظنوا أن الإنسان المستهلك هنا سوف لن يضحي بمعدته وشهوة الاستهلاك لديه وهو يرى بأم عينيه أنين الأطفال وصراخ أمهات وأخوات وكبار السن ممن لا حول لهم ولا قوة..
منذ بدء الحملة وكلما سنحت الفرصة ألقيت نظرة على مطاعمهم الفارغة هنا بعدما كانت تعج بزائريها بطوابير طويلة.. وماركاتهم ومنتجاتهم المكدسة لا يلتفت إليها أحد.. إلا وتيقنت من نجاح المقاطعة واعتماد البدائل عن وعي وما أكثرها، حينها فقط اكتشفت أننا كنا أسارى ومنقادين تسويقيا بما يأتي منهم رغم اعترافنا جميعا بافتقادها للمذاق الطبيعي والجودة الأصلية.. والفرق واضح بين حجم توفرها هنا وتوفرها في الجزائر..
رجائي أن تتسع رقعة المقاطعة أكثر ومنها هذه المنصة المشؤومة، فإني صدقا لا أجد متعة ولا رغبة في استخدامها رغم كل المبررات التي تتبادر لذهني كل مرة لأستمر فيها غير مقتنع في قرارة نفسي..
المقاطعة معركة ضمير ووعي.. من اقتنع بها خاضها، ومن رآها أمرا غير مجد فليحاول ألا يثبط العزائم على الأقل.. وليتذكر أن كل دينار أو ريال أو درهم أو دولار ينفقه عليهم فقد حمل إثم دماء سالت وأرض اغتصبت وحرمة انتهكت.. والأيام دول كما علمتنا الحياة..
أضم صوتي لكل من يدعو إليها وأحيي جهود كل من يعمل على توفير المزيد من المعلومات عنها..