Site icon مدونة جابر

سلطنة عمان… بلاد الخير والأمان!

في العالم أراض طيبة وهبها الله بركته وكساها برداء من الرضا والجمال الروحي والمادي، سلطنة عمان وجهة من أرقى الوجهات التي يتشرف الإنسان برؤيتها والظفر بأيام فيها أو حتى ساعات، هي نعمة إلهية تدخل قلب كل زائر لها أو مقيم، رقي الأخلاق فيها مترجم واقعا، وسمو المعاملة مجسد في كل زاوية وركن.

هي عمان حين وصفها دكتور جزائري فرّ بجلده يوما ما ليحتمي بظلها الوافر ويبذل جهده في إنارة أبنائها في إحدى جامعاتها، قال حينها: لما أتيت إلى عمان أحسست فعلا بإنسانيتي، وهي للأسف الشديد حقيقة لا غبار عليها، فالدولة تقدر شعبها وتحسن وفادة ضيوفها، والشعب يرد الجميل ويترك من حاله أحيانا في سبيل تلك النعمة التي فقدها كثير غيرهم.

مسقط العاصمة التي صنفت ذات عام كأنظف عاصمة عربيا وفي العالم، تأسرك شوارعها وتسلب لبك وذهنك نظافتها وجمالها، فالزهور في كل ركن لم توضع عبثا، والفن والثقافة العمانيان ممكّنان في مراكزها التجارية وحدائقها العامة ومدارسها وكل إداراتها، استغل ولا تفسد، استمتع ولا تسرف، ورغم سوء طقسها صيفا من حرارة شديدة ورطوبة عالية تنساهما بحرارة الاستقبال والترحيب اللذين تلقاهما، إلا أن المساحات الخضراء تأخذ حيزا مهما من ناظريك أينما اتجهت بهما، دون تبرير أو اختفاء وراء أسباب واهية كما لدى بعض الدول ممن منحها الله طقسا معتدلا وخيرات لم تنضب بعد كل ما طالها من سلب وتبذير.

تمتاز عمان برجاحة عقل من بيده أمرها، فرجالها يستميتون في سبيل تنمية بلادهم، وكل خطأ في هذا لا يغتفر، ولأي شخص أن يسرد لك عزل ومعاقبة وزراء أو أرقى المسؤولين حين يثبت فيهم الفساد، وكذا هدم بنايات إن اكتشف أن هناك لعب  ما في ملكيتها أو سبل تخليص إجراءاتها، يقولها شعبها بكل اعتزاز، ويفتخر بتلك القصص الواقعة كل من يقصها لك، فالعدالة وقوة القانون حينما يوجدان في دولة ما يكون كل في مكانه ووظيفته ومهمته مخلص مرتاح البال من حقوقه، ساعيا في حقوق غيره بكل أمان.

المدينة غنية بمراكز التسوق العائلي النظيفة الأنيقة، منها العصرية ومنها التقليدية، وفي كل منهما تشم رائحة الهوية العمانية المتجذرة، فرب الأسرة لا يحتار في إيجاد مكان للتنزه مع العائلة، بل يجد الاحترام لأبعد الحدود، والوقت لايهم  حينها إن كان ليلا أو فجرا، فالأمن مستتب والأصل فيهم ذلك، ولسان حالهم يقول: هذه حقوقك سيدي وليس هناك أي نقاش فيها.

أخلاق العمانيين تلامس عنان السماء، فالطيبة تجري في دمائهم، والكلام الطيب مسك ينبعث من أفواههم على الدوام، بل أكثر من هذا ففي هذه القضية نجد العدوى تتناقل بسرعة للوافدين إليهم ممن أطال مكثه فيهم، فحق لهم منا الاحترام والتقدير.

أما عن المساجد فتلك قصة أخرى، فوفرتها في كل حي مسألة عادية، وإتقان خدمتها وتزيينها لحد الترف -على رأي البعض- قضية لا تنازل عنها، خدمات التكييف والعطر الطيب (البخور)، والنظافة في المرافق الصحية، كلها أمور تجعل المسلم يفتخر ويعبد الله بثبات ويقين، لا على استحياء وركود، وما أجمل أن تكون المساجد أجمل الأماكن التي نزورها، على أن تتوفر فيها السكينة والطمأنينة.

لعمان كذلك أماكن سياحية طبيعية خلابة، من وديان ونخيل وقرى بين الجبال، تأخذ هواة الرحلات والتخييم في جولة خارج المدن الكبيرة تماما، وبعيدا عن الرقمنة وصخب المدن، الجميل فيها أن الدولة تسوّق لها وتجعل منها مزار كل الأجناس من العالم، ولو جئنا لوطننا لوجدنا أمثال تلك الأماكن أو أكثر، إنما كانت وكرا للفساد وخطرا على كل زائر لها، دون تسويق ولا ذكر لها في الأوساط الإعلامية والسياحية للدولة إلا بصفة محتشمة جدا.

وعن الجالية الجزائرية فيها فهي بأعداد قليلة مقارنة بدول أخرى، إلا أن حضورهم يعتبر نوعيا نظرا للمناصب العليا التي يتقلدونها، من إطارات في الدولة وأطباء وأساتذة جامعيين وباحثين ومهندسين في شركات البترول، وحتى من الطلبة، وهم جميعا يقدمون صورة طيبة عن الشعب الجزائري الأبي، ويمثلون الوطن أفضل تمثيل بأدائهم وإنجازاتهم وبأخلاقهم وحسن تعاملهم.

لا أورد هذا الثناء لعمان عبثا، إنما كان عن تجربة حقيقية، مع ذلك لا يمكن أن توصف بكل أخلاق الملائكة لما فيها من ملاحظات ونقائص كما في كل مكان وكما في كل البشر، إنما الصفة الغالبة ما ذكرت وما اخترت منها إلا ما ينفعنا لنقتدي، وأذر ما دون ذلك لما ليس له من فائدة لنا، ففي دولة كعمان، توقن أن الإنسان هو من يرفع قدر نفسه ودولته إن شاء وتوكّل على الله، وهو الذي يحط من قيمته وقيمتها إن أراد وعمل لذلك.

أكتب هذه الحلقة من حلقات الزيارة المباركة إلى سلطنة عمان بالمرور سريعا على أهم المحطات التي جاءت طيلة الرحلة، إلا أني سأفصل في بعض الأحداث والأماكن بمقالات أخرى تتبع إن شاء الله.

Exit mobile version