يعتقد الإنسان أنه بحواسه وقدراته الذهنية ومهاراته سيقضي مصالحه ويحقق أهدافه في الحياة كفرد أو مجتمع، ولكنه يصطدم بحواجز تمنعه ويجد نفسه أمام حتمية تجاوز بعض العقبات دفعا للخطر وحفظا لنفسه وحقوقه، أو سعيا للتأثير والتمكين.

ليست الحياة بهذه البساطة، ولا بهذا القدر من اللطف والعدل، فالإنسان ملزم بالتأقلم مع بيئة تشوبها الصراعات ويحكمها منطق السيطرة وحب التملك، وكما ينبغي أن يتسلح بأخلاق ومبادئ ترقى به، فيجب عليه أيضا أن يحيط بأسباب القوة ويدرك كيف تسير الأمور من حوله.

هكذا سينأى بنفسه عن مواقف الضعف، ويوفر عليه الكثير من التنازلات التي يضطر إليها دون مقابل، فلعبة النفوذ تتطلب دهاء وحكمة واستثمارا ذكيا للعلاقات وصيانتها لوقت الحاجة، مع تفادي السقوط في شراك حسن النية والتصرف بسذاجة وكرم في غير محله.

قد يستخدم النفوذ للظلم ولا يمكن مواجهته حينها إلا بنفوذ مثله أو أكبر منه، يمكن أن يتمثل بهيئة العلم، وقد يتشكل بشكل الإعلام، وقد يتلوّن بلون المال، وقد يأخذ نكهة الحضور الفعال في مختلف الدوائر والمستويات، هو يتطلب بعضا من ذلك أو كله، والمواقف هي التي تحدد مقدار الحاجة إليه.