يحيا الإنسان حياته موازنا بين رغباته الشخصية وما تتطلبه منه بيئته من عادات وتقاليد متوارثة متراكمة عبر الأجيال، وهو في حقيقة الأمر اختبار قلّ من يجتازه بنجاح، فبين مندمج متنازل تماما وبين متحفظ متفرد بشكل مبالغ يحدث الاحتكاك وتبدو التشنجات.

يمكن تصور أفكار المجتمع ككتلة واحدة متماسكة ويمكن تفسيره كمجموعة جهود مجتمعة لا يربط بينها رابط مسبق، كل منها يغرد بلحنه لتتشكل السمفونية العامة، والاحتمال الثاني هو الأقرب والأكثر تفسيرية، فلو تأملنا صورة المجتمع قبل عقود وحللناها في زمننا هذا فإننا نلمس تغييرات وتحديثات واضحة جلية وبوتيرة متسارعة.

يبني المجتمع أفكاره من خلال أبنائه ممن يشق مسارات جديدة، ويتأثر أيضا بالمجتمعات من حوله في شبه معركة للأفكار يحكمها الصلاح وتتوجها القوة، فلا مجال للثبات في هذا الأمر بل التغيير هو المسار الحتمي الطبيعي سواء للأفضل أو الأسوأ كسنّة كونية لا تعترف بأي استثناء.

يتساءل الإنسان وهو أمام فكرة جديدة بالنسبة لما ألفه، هل يشكل انتمائي للمجتمع دفعا لأبدع وأتميز في مهمتي هذه، أم يعتبر عقبة تستلزم مني تجاوزا ومقاومة؟ وهنا تبرز قوة التحمل والعزم لذلك الإنسان أو تلك المؤسسة للمضي قدما بفكرتهم أو الاستسلام لمنطق الأغلبية والمألوف.

التطبيق العملي: كيف تتصور مجتمعك؟ وهل ترى دورك فيه كمساهم في التغيير أو مقاوم له؟ هل تعتز بكونك ابن المجتمع أو تتمنى لو لم تكن كذلك؟ في حوار داخلي مع نفسك كن صريحا ومنصفا.