قبل الشروع في أي عمل بنائي يصلح من حالنا ويزيد في رصيد حياتنا وبركة عمرنا، فإننا نرسم الخطط ونبين المنهج ونوضح المسير، حتى يخيل إلينا أحيانا أننا فقط من سلك المسلك، أو تنبّه للقضية وجرى في سبيل حلّها.
وفي هذا الإطار تنشأ التجارب وتنمو وتتعدد، فيقع أحيانا ما يشوب المشاريع رغم بعدها الرسالي من تنافس غير محمود، هو ليس تنافسا نحو الهدف الواحد، وإنما تنافس عليه، وهناك فرق واضح بين الأول والثاني، إذ يدّعي هذا الصواب المطلق، وكذلك يفعل الآخر، بعيدا عن قيم التواضع والاعتراف.
هذ من جانب، ومن جانب آخر نجد أفراد الفريق ممن على عاتقهم الحمل وفق ما بينوا في خطتهم أول الأمر، يعانون من عدم ظهور النتائج ولو بوادر منها، فالواقع يكذب كل أمل لهم، والميدان يدفن كل إنجاز مهما كان، عندما تتم مقارنته بالهدف الأكبر، وهذا إشكال عويص في حد ذاته يضاف للإشكال الأول، فيدب اليأس، وتطوى الأحلام، وتؤجل الأفكار ظنا أن الزمان أو المكان غير مناسبين لها، أحدهما أو كلاهما.
الحل في هذه القضية يكمل في المنطلق، وعند البداية، بمعنى أن نقتنع أولا ونقنع من حولنا بكون جهودنا كلها، وبصماتنا في الإطار الذي ننشط فيه ماهي إلا إسهامات للحل وليست كل الحل، فما تراكمت عليه عوامل الزمن، ورسخت فيه تركات من قصّر سابقا، وتبعات من خلّف دمارا في أي مجال من مجالات الحياة ممن سبق أو في هذا الزمن، لا يمكن التغلب عليه إلا بما يكافئه من إمكانات بشرية ومادية ومعنوية روحية، وهذا ما لا يمكن الحصول عليه من أول المشوار.
كل مشروع من مشاريع الأمم والمجتمعات، وكل اكتشاف ومبادرة واختراع، إن جاء بمعنى الإسهام قلّ الضغط على أصحابه أولا فاهتموا بالعمل والإنجاز، ونُزعت الكلفة والنظرة السلبية ثانيا ممن في نفس الطريق دون احتكار للحق المطلق، فالمهم في الأخير هو الإصلاح والعمل بخير الأفكار لخير الإنسان، نسأل الله القبول…
مقالة منشورة في موقع: مزاب ميديا