هي أفكار تتسرب لعمق المجتمع متلبسة بإغراء رداء التوعية تارة، أو متلحفة لحاف البحث عن حياة أفضل، لا تقاوم كثيرا مثلما تقاوم الأفكار الجديدة المستجدة لأنها لا تحمل في طياتها روحا ثورية، بل تتسرب بنعومة عبر مجموعات الفيسبوك والواتساب، أو قنوات اليوتيوب، أو في القاعات المكيفة وحتى غير المكيفة..

هي مناهج ومساقات تعليمية قديمة جديدة، أصلها عقائد وفلسفات شرقية أو غربية مجتزأة من سياقها.. تم أسلمتها وتعريبها وتهجينها.. مشكلتها ليست في كونها غير نافعة فقط، بل هي مضرة جدا نفسيا وذهنيا وسلوكيا، تجد بيئة خصبة في بعض الجمعيات الثقافية وحتى المؤسسات التربوية عندنا بدعوى الإبداع، إما على شكل قصاصات صباحية مسائية، أو كدورات تدريبية أو جلسات توعية.. بل حتى حصص رياضة ولياقة بدنية.. تعد بالارتقاء في سلم الحياة راحة وأنسا ورفاهية.. مادية ومعنوية.. ثم لاشيء غير السراب..

والأخطر عندما تصطبغ بالدين كتأشيرة للتقبل والإقناع، ولكي تشعر المتلقي أنه في صلب العبادة، ولا أسرع من اختراق العقول والقلوب بالمحتوى الديني المغري، فتجذب أنظار المهتمين قليلا والمهتمات كثيرا، خصوصا من فقدت المعنى في حياتها، أو اهتزت ثقتها بما حولها، أو تأخر شيء من حظها، ووجدت نفسها فجأة أمام ضوء ساطع من العبارات والأفكار والتوصيات الجديدة عليها، لتتمسك بها كقارب نجاة يحملها من وضعها البائس نحو بر الأمان.. وإن كان ذلك الضوء من خارج البلدة فهو دليل صحته.. وإن جاء من وراء البحار فهو مقدس لا شك فيه..

لن أسمي تلك الأفكار هنا ولن أذكر أي أمثلة، كي لا نتشبث فيها وتصبح محور نقاشنا، ومن هو معني بالموضوع سيفهم جيدا ما أعنيه، فالغرض في الأخير ليس خصومات ولا جدالات، خاصة أن من تبنى تلك الأفكار قد فعل ذلك عن حسن نية لا شك في ذلك، بينما من لم يدرك المقصود فهو معفي أساسا ونصيحتي له أن يواصل حياته كما هو.. وليعذرني إذ ضيعت له وقته في قراءة هذه الكلمات.

رجائي وندائي أن نكف عن الارتماء في تلك الشعارات الزائفة.. والعلوم الوهمية.. ولا يشفع فينا ولا يبرر أي شخص اقتنع بها سواء كان أو كانت داعية، أستاذا أو أستاذة، مثقفا أو مثقفة.. ولا أخطر من العبث بالعلاقات الإنسانية عموديا وأفقيا.. ولا أسوأ من المتاجرة بهموم الناس وحاجاتهم.. واتخاذها مركبا وجسرا لجمع شيء من المال أو الحظوة أو الانتشاء بشرف السبق والإتيان بالجديد الفريد.

لن أدخل في أي مواجهة ونقاش بجدوى تلك الأوهام.. ومن أراد التجربة فالطريق قاسية وعرة.. وكلما ركبت القطار الخطأ وتأخرت في النزول منه.. جاءت التكلفة باهضة.. وطالت الأزمة وازدادت عمقا.. وتعقيدا.. نسأل الله العافية..

ألا قد بلغت.. اللهم فاشهد!