الإنسان وحده من يضع الحواجز لنفسه يبرر بها إخفاقاته، وهو المسؤول الأول عن توفير ما يجعل منه ناجحا متألقا، فالحواجز في أساسها وهمية، والتبريرات في منطلقها تهدف للركون للراحة، والنوم فوق سحابة الأعذار، وهذا النموذج الذي أتناوله في مقالتي هذه مما جعلني أتوقف عنده كثيرا قبل أن أمضي في الكتابة عنه..

مدونة أم الأولاد، هي هكذا أطلقت عليها صاحبتها، واختيار الأسماء في عرف المشاريع يخضع لعدة معايير، من بينها أن يكون سهل التذكر، مما يرسخ في ذهن المتلقي لأول وهلة، وكذا مما يكون فريدا مميزا، وهذا ما اجتمع في التسمية، التي تركت ولا زالت خلفها عدة تساؤلات، وهذا من تمام اكتشاف أسرار التسويق واستثمارها، فجانب الغموض حينما يكتنف شيئا ما وبجرعة مقبولة، يجعل من المستهدف منه وغير المستهدف يحاول من باب الفضول خوض مغامرة لمعرفة السر وفك شفراته، وفي هذا أيضا جرأة من صاحبة المدونة.

لا شك أن السؤال لا زال ملحّا في أذهانكم في من تكون “أم الأولاد” هذه؟ ولكي لا أكون متحدثا رسميا باسمها أدعوك للاطلاع على الجواب من [صفحتها الخاصة]، وأتجاوز إلى تحليل بعض جوانب تلك المدونة التي تكتنز داخلها الكثير من الفائدة عمقا وغزارة، فتخصصها فريد ومما كثر عليه الطلب في سوق النت، ولكن في نفس الوقت مما قلّت فيه الجودة، واهتزت فيه الثقة بفعل من ورّط نفسه في ما لا يعلم، حتى صارت كل مدونة تحمل على عاتقها مجال الربح من الإنترنت تمرّ أولا بفترة اختبار مؤقت صارم من قارئها في أحسن الأحوال، ثم بعدها.. إمساك بمعروف، أو تسريح بإحسان، وإن وثق فيها فستكون فعلا ثقته متأصلة حقيقية.

مدونة أم الأولاد من المدونات التي فعلا كسبت احترام كل قارئ لها، ولم يكن هذا الاحترام وليد صدفة أو مجرد كتابة لجملة من المقالات، إنما للجهد الواضح من الكاتبة فيها، إذ تحاول بكل ما أوتيت أن توصل الفكرة ناضحة لكل باحث مهتم، ومن هنا أوجّه رسالة دائما ما كررتها للمدونين، بالاجتهاد في تقديم الإضافة، لا نكتب ليقال إننا نكتب، ولا ندوّن لنملأ أوقاتا ضائعة فقط، لا يكفي أن ضيعنا أوقاتنا، نضيع أيضا وقت من يقرأ لنا؟!

تشعر مما تشعر وأنت تتصفح المدونة بشمولية الطرح في كتابات صاحبتها رغم كونها مغربية -ولها الشرف-، إلا أن مدونتها تخطت الحدود الجغرافية لتصير رقما عربيا مهما، يضاف لرصيد المدونات العربية المستقطبة لقراء أوفياء من مختلف الأوطان، وأعتقد أن الكاتبة قد فهمت المغزى جيدا من رسالة التدوين السامية، وهذا بفضل خبرتها الطويلة حسب ما جاء في علاقتها مع التقنية والإنترنت، وقلّ ما تجد من وعى فعلا وفهم ما يفعل.

لم تكتف المدونة بسرد وصفات الربح من الإنترنت بمفهومه السطحي المباشر، ولكن هناك مقالات تمسّ جانب المهارات في استعمال الشبكات الاجتماعية، وكذا في مجال التدوين نفسه، وفي تسويق المدونات وتحسين أدائها، ولم تغفل أيضا جانب التدوين الشخصي الذي يمس اليوميات، وفي هذا خبرة معتبرة تقدمها الكاتبة على طبق لكل من أراد واهتم.

الغريب فيما لا يستدعي الغرابة في الأصل لولا انقلاب الموازين، أن تكون المدوّنة أما وربّة بيت، ففي الوقت الذي طغت فيه صورة نمطية لربات البيوت، اللائي يصنفن في دائرة “العاطلات عن العمل” إداريا (*) نجد هناك بوادر مثل نموذجنا هذا، ربة البيت إضافة لكل واجباتها الإنسانية المنوطة بها، يمكن أن تبدع في مجالها وتواكب عصرها وتسهم في الإضافة إضافة لما تقوم به في تربية النشء، ولا يوقفها أي حاجز، وإعجابي بهذا النموذج يجعلني أشيد به، لكي لا تبقى هناك جحة بعد الآن لمن لازال مترددا، وكذا لنتأمل في ذهنياتنا المترسبة ونعيد التفكير في الكثير منها، الإبداع والطموح والتحدي لا تحده الجدران المادية، ولكن الجدران إن وجدت فهي عالية سامقة في داخل الذهن!

أحيي ربة البيت المعتزة بشرف دورها، والواعية لقدره تمام الوعي، لاحظ أخي / وأختي القارئة شعار مدونتها تحت اللوغو، وهي من أعز الأمكنة في عرف التسويق وفنونه، واقرأ ما هو مكتوب فيها “يوميات، تجارب وآراء ربة بيت حول التدوين، العمل، الربح من الإنترنت”، ورغم كونه أمرا عاديا في التدوين غير العربي، إلا أن كسر هذا الحاجز عربيا يبشر بخير عميم، فما أحوج ربات بيوتنا للأخذ والتعلم والعطاء والتعليم عبر المدونات أكثر مما يأخذن من القنوات الفضائية!

في الأخير… كلمة لأم الأولاد ثم نصيحة إليك أخي القارئ!

  • أبدأ بأم الأولاد: المدونة قيمة في المحتوى، أحييك فيها على روحك العالية في الأداء، ولا تخفى حماستك فيها لإيصال المعلومة بنية حب الخير والسعي لإفادة غيرك، المدونة قيمة في المحتوى مع ثقتي أن في إمكانك أكثر، وهي تحتاج للمسات إبداعية تبديها فنيا بشكل أجمل -رغم جهدك المشكور في هذا الاتجاه-، ليتناسق الأداء مع الشكل، ولينسجم المضمون مع الوعاء، نسبة كبيرة من متابعة المدونات متابعة وفية يأتي من اهتمام صاحبها واستثماره في التصميم الفني زيادة على المحتوى، وإضفاء الجمالية للقالب، جمالا لا يؤثر سلبا في الوصول للمعلومة بأقصر طريق، ولا أعني بذلك تكديس القالب بالإضافات والبانرات المتحركة، فالهدوء سمة ضرورية في المكتبات وأماكن القراءة والتأمل، ونفس الأمر بالنسبة للمدونات والمواقع الإلكترونية.
  • أما عنك أخي القارئ فإليك أقول: الوعي بالفروق الجوهرية بين الأسباب والنتائج، وبين الوسائل والأهداف ضروري جدا في المنطلق لأي نجاح تنشده وترمي إليه، إن كان التدوين والشهرة والأعداد الكبيرة من المتفاعلين معك في مدونتك، والأرباح المادية التي تجنيها من مدونتك والحظوات والاعتبارات الخاصة، كلها بالنسبة لك في خانة الأسباب والوسائل لنتائج وأهداف أسمى وأرقى فستصل إلى القمة وأنت مرتاح بعد تعب الطريق، وستبلغ مرادك بدقة بل وتواصل للأفضل دائما، فجدد النية باستمرار، وراجع مخططاتك من حين لآخر، واعمل بذهنية الاستمرار، وتأمل في منجزاتك ومكتسباتك واجعل لها قيمة خاصة بينك وبين نفسك، كل ذلك وأنت مخلص في عملك موقن بالنجاح.

* الموقع: مدونة أم الأولاد.

* تصنف المرأة في الأوراق الإدارية بالجزائر في خانة العاطلات عن العمل ويكتب لهن في الوثائق الرسمية “بلا عمل” وهذه أكبر جريمة جرها التقليد الأعمى لمنظومة عقيمة لا ترى في الأم والزوجة إلا آلة للكسب المادي الآلي، أما التربية فهي اللاعمل!

تحديث: بعد مسيرة حافلة، تحوّلت مدونة أم الأولاد إلى نطاق جديد باسم مدونة “هي تدون” بنفس المحتوى والتوجه والطموح.

———————————————————————–

على الجانب:

* مدونتي متأهلة لنهائي مسابقة Algeria Web Awards، أحتاج منك التصويت لـ Jabyr في فئة المدونات، لو تكرمت من [هذه الصفحة] قبل 17 أفريل 2013 🙂

* التدوينة كتبتها في إطار خدمة (كتابة المراجعات) عن طريق موقع خمسات